........... اختيار
أبو شيماء كركوك
عيناي صديقتي دوما تصارحني وتكشف الخطوط من كل الاتجاهات ، وتلون لي الأجمل
ولكنها هذه المرة اختارت لوحة مقلوبة ،ربما أصابها الرمد
تذكرت عيناي في الصف الأول الابتدائي كانت مغلقة في أول استيقاظي للذهاب إلى المدرسة ،
وكنت أبكي ،ظننت أن بصري ولى وأصبحت أعمى
ولكن حنان أصابع أمي جعلني أنظر وتقول: عيناي أفديها لك
أتلمس عيني في المرآة وأضع يدي على جوانب العينين ،لكني أراهما سليمتين،
أنا عامل نظافة وقلبي دقاته تسير مع عجلة الفقر الذي أتقاسمه مع أمي
وعيني لاتنظر الى النجوم خوفا السقوط من أعلى الجبال
بسمة رضا من الله على البيت البسيط والرغيف اللذيذ الذي أتقاسمه مع أمي
ولكن سيارة وقفت في الجانب الثاني من الشارع نزلت منه شابة عليها ملابس الحرير
ووجهها البسام يفوح فرحا واتجهت نحوي تحمل طعاما في علبة مغلقة ورائحته لذيذة
- كريم أرجو أن تأخذ هديتي لأمك وقل لها من وفاء،
ضاعت كلماتي كما كنت صغيرا ،تضيع أجوبتي عند المعلمة الجميلة التي كانت تدرسنا
بعد هنيهات قلت لها:
- شكرا لك
لساني يقرأ الأشعار لأمي وأصدقائي وأكتب الخواطر في المدرسة ،
ضاعت حروفي في خيالها
عيناي ماذا دهاك ،أأحلم أم أني بت أتخيل أم أؤلف قصة يريدها قلبي
كنت أتذكر الطبيبة التي تعالجني تقول لأمي
- زوجي فلاح وأنا سعيدة معه
تأتيني هكذا أفكار تنبض بي الأمل ولكن سرعان ما تسقط من يدي الورقة والقلم الذي يحاول رسم كركراتها
منذ زمن تمر علي بوجهها الصبوح وتسلم من نافذة السيارة
كنت أفسرها تواضعا وتعاطفا مع أولئك الفقراء الذين يتمنون ابتسامة
رضا من الناس
وفاء كانت تلميذة معي في الصف الأول الابتدائي ،
تلبس أفخر الملابس
لكنها تختار الجلوس معي وتقاسمني الطعام
كنت لا أمد يدي بل تعطيني بيدها البيضاء ،
أنهت شهادتها وتوظفت ولم تفارقها ذكريات
خواطري وغنائي لها
حتى رسوماتي البسيطة لوجهها الذي أضعه في السماء وتسألني
- أين القمر
- هرب عندما رآك أجمل منه
تملأ المكان بزخات ضحكاتها حتى تدمع عينيها
في العيد كنا نفرح بالتكبيرات التي تنزل مطرا صيبا على بيوتنا رغم ملابسنا القديمة التي نغسلها ونكويها لتكون أجمل
وفي أول صباح العيد دخلت علينا الشابة صاحبة الوجه الرقراق وفاء التي
حملت في قلبها ودا وحبا تريدني أشاركها به...
أبو شيماء كركوك.
تعليقات
إرسال تعليق