(شجرة التوت)
موقد النار بالدار بارد
والليل يسهر في عتمة الصقيع
والريح تغني بكل اللغات
والخيمة ترزح بين الريح والطين
برق في السماء ورعد
وماء في الأرض ينادي
ياشجرَ التوت الساكن في ترابي
لاتبكِ… إنهم عائدون
يحملون هممهم أطفالهم وسواعدهم
أرواحهم تحُطّ على أغصانك الحزينة
تقول
ترى هل مسح الثلج بيده الحانية
على أغصانك المعرّاة
وبراعمك النائمة
لن أبكي
مازالت براعمي تغط في سُبات
العصافير تغادر دونما فرح
لاتوت فيها ولا أوراق والرياح تعصف
أقول
أيتها الريح كفى تهجّم كفى عبثا بأغصاني
الريح
أنا الريح أسافر أغامر لا أحد يقف أمامي
أنا شجرة التوت شامخة لن أموت
فلتنظر
وأنت أيها التنور ما أصابك لادخان فيك ولانار
ولا رائحة الخبز
التنور
إن كنت بحاجة لأغصان سأنحني وأكون وقود
لا
لا
غادر الموقدون فلا عجين ولاعجّان
ولا من يأكلون
ألا ترين حزن المدينة
لثم الثلج بقبلاته الحانية قباب المدينة الحزينة
التي تراقب من بعيد
إني أرى
الثوب الأبيض يهيئ الأرض لبساط أخضر
لفرحة الربيع
تلك المدينة
مآذنها شامخة التي أثخنتها الجراح لم تزل يلفها صمت رهيب
لكن
سيصدح صوت الأذان من بين أحجارها
الثلج
أنا جاثم على طرقاتها لأطهرها من آثار أقدام الغزاة
وأنت
ألا تزالين تنتظرين أنفاس الغائبين
انتظر
انتظر
صِبية يمرحون
يتشاجرون يلعبون بأرجوحة معلقة بأغصاني الحزينة الباردة
أصواتهم تتعالى مع زقزقات
إني بدون ثياب أوراقي سافرت مع الخريف دون جواز سفر،
حزينة
على فراق الهدهد الجميل
بألوانه الزاهية ومنقاره الطويل
أفتقد
أحبة وقهوة الصباح والمساء تجمعهم يتحدثون يبتسمون
نحن الغائبون
سنعود
ننعم في ظلك رغم طول الشتاء
الربيع قادم
يحمل للزهور الفراش
ولأغصانك زقزقة العصافير
وعش الهدهد المزركش سيعود
هاهي
الشمس
ترسل الدفء تزيل الجليد
والريح تختبئ تلملم عباءاتها وترحل
جذوري
في الأرض راسية وأغصاني في السماء شامخة
والغزاة يجرّون أذيال الهزيمة
وها أنا
أنتظركم بشوق فهل أنتم قادمون؟
أبو علي درويش
تعليقات
إرسال تعليق