نصٌ قصيرٌ لرجلٍ طويلٍ
..................
المسافةُ بين حوافِ السريرِ وموطىءِ قدمي، هي المسافةُ التي بين قدمي وحوافِ رأسي، هكذا أرادَ أبي أن يحشُرَني في الطابقِ العلويِّ من السريرِ، معللاً ذلك بطولِ قامتي،
ومن يومِها للآن أقبعُ في الطابقِ العلويِّ من سطحِ العمارةِ، وليس هذا بمشكلةٍ لديّ..
مشكلتي للآن كلما وطأتْ قدميّ الأرضَ ظننتُها بلاطاً في غرفتي..،
لطولِ قامتي روّادُ الفضاءِ اختاروني لمرافقتهم في رحلتهِم الأخيرةِ..
فكلّما حدثَ عطبٌ في المركبةِ أمُدُّ قدميَّ لأهلِ الأرضِ ليعلقوا المفَكَّ بباطنِ قدمي..!
قاسوا طولَ قامتي على حربِ الثمانين، فتجاوزتْها كثيراً، مما دعاهم ليرحلوا
طولُ قامتي لحصارِ التسعين، فلم يُجدِ الأمرَ كذلك،
فتمّ ترحيلي إلى مابعد ذلك فمنذُ سبعةَ عشر عاماً مازال المقاسُ أصغرَ بكثيرٍ من طولِ قامتي...
الأنهارُ الطويلةُ تقصُرُ كلما تمددتُ على شواطئِها وهذا ما أستفزَّ البحارةَ الذين،
كنت أرافقُ سفنهُم كمقياسٍ لأعماقِ البحارِ التي كنتُ أتلمسُ طينها (بحرِّحارةِ) قدمي.
وحيث خمسين وأكثر أنا أطولُ وتتنامى عظامي حتى أنّ الحانوتي رفضَ إلحادي في طمرتي..!
ليس ثمةُ مشكلةٍ في كلّ ما مرّ أعلاه،
خِضَمُّ الأمرِ أن كلَّ ماكتبتُ نصاً قصيراً، يكون أطولَ من قامتي..!
.
.
. غراس.
تعليقات
إرسال تعليق