التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بقلم الرائع أ/ماهر اللطيف/////


لا تستهن بمنافسك
بقلم : ماهر اللطيف

مر فهد ذات صباح بمجموعة من الحيوانات البرية التي كانت جالسة تتمتع بأشعة الشمس التي نادرا ما تزور غابات وأراضي أستراليا في مثل هذا الوقت. وكان الفهد حينها يشعر بالقلق وبداية اكتئاب جراء روتينية حركاته وتصرفاته مثل كل رواد المكان، ورتابة حياته الفارغة من كل هدف وتخطيط، فجالت بفكره فكرة قد تزيح عنه هذه الحالة وتروح عنه ولو لبعض الوقت وتنظيف ما تصدأ فيه من جديد.

فطلب من الجميع التسابق معه إلى حدود النهر - أي أقل من كيلومتر واحد عن مكان الانطلاق الذي يتواجدون فيه -، مع إهداء الفائز - إن وجد - وجبة غذاء يومية طيلة أسبوع كامل وحمايته حماية مطلقة من كل أذى ومكروه.

لكن الحيوانات جميعهم رفضوا هذا المقترح واعتبروه ضربا من الجنون والتهريج، إذ كيف سيتسابقون مع أسرع حيوان بري في العالم وهم أبطأ الحيوانات وأكسلهم؟ أ فلا يعتبر هذا مستحيلا من المستحيلات وحلما لا يمكن إدراكه بأي حال من الأحوال ؟

لكن الفهد أصر على طلبه في البداية، ثم ترجاهم، فهددهم قبل أن يأمرهم بذلك بالقوة وإن استوجب الأمر التخلص منهم وقتلهم إن هم تمسكوا بالرفض وتجاهل طلبه وعصيانه في هذا الوقت بالذات وقد اسودت الدنيا في وجهه، وتساوى الشيء ونقيضه عنده، وبات الوجود والعدم سيان لديه.

وفي النهاية، أعطى الصقر - الذي حضر الحفل وتنازل عن تحليقه في السماء بطلب من الفهد - إشارة الانطلاق، فهرول الجميع ما عدا الدودة التي مكثت في مكانها، فدهسها الفهد عمدا وجعلها تحت قدمه جثة هامدة وهو يركض بعد أن تركهم يسبقونه بعشرات الأمتار، فشرع ينفض الغبار نفضا ويضرب الأرض ضربا موجعا تسمع حسه من بعيد، حتى تجاوز الجميع وهو يقهقه ويسخر من المتسابقين، يصفهم بأبشع الصفات ويحذرهم من التخاذل والتراجع عن الجري إلى حدود النهر....

وما هي إلا لحظات حتى كاد الفهد يصل إلى نقطة النهاية، والبقية لم يتجاوزوا ربع المسافة بعد، فصاح مستهزئا ومنتقصا من مجهودات وقدرات بقية الحيوانات، وأذاع سر السباق وأطواره، خوف الحيوانات واستسلامهم لإرادته، لكل حيوان اعترض سبيله محتقرا ومتهكما ومتنمرا...

وما إن كاد يضع قدميه على مكان النهاية حتى أصابته خرطوشة صياد آدمي في بطنه أردته طريح الأرض يسبح في دمائه وهو يصيح ويستغيث، يطلب النجدة، يتألم، يتأوه، ....، ولا من مجيب.

وبعد ساعات، - ولم يأت الصياد لجمع صيده بعد، لكثرة طلقات الرصاص التي سمعت منذ ساعات، وقد يكون عدد الصيادين كبيرا - وصل دب الكوالا أولا، ثم الكسول ذو الأصابع الثلاثة ثانيا ، يليهما الحلزون والسلحفاة ثالثا ورابعا، فوجدوا الفهد غارقا في دمائه وقد فارق الحياة، فقال الحلزون ساخرا بعد أن اندهشوا لما رأوا وتنفسوا الصعداء:

- أتتذكرون كيف كان يعاملنا هذا الظالم وغيره من الظلمة الأقوياء؟ ألم يعيثوا فينا وفي أسرنا وأراضينا وكل ممتلكاتنا فسادا؟ أ لم يقتلوا إخواننا ويلتهموا لحوم جيراننا ويشربوا من دماء أترابنا؟...

- (دب الكوالا مقاطعا) هذا جزاء التسرع، فلا يكفي أن تكون سريعا حتى تحقق ما تصبو إليه، ولا يجب أن تقرن التسرع بالسرعة حتى لا تندم على سوء التقدير والتخطيط....

- (الكسول مقاطعا ومتكلما ببطء شديد وحروف متقطعة) لو سايرنا ومشى معنا خطوة بخطوة إلى هنا قبل أن يجري ويفوز كما هو منتظر بطبيعة الحال، لتلقى أحدنا الطلقة مكانه، ولكان ميتا عوضا عنه، لكنه استهزأ بنا، فاستهزأ منه القدر وباغتته الموت وهو يمارس جبروته وتسلطه علينا نحن الضعفاء ....

وواصلوا السباق بتأن وثبات وقد وانزاح عنهم هم كبير وشعروا بالراحة والنصر، ولم يبحثوا عن الفائز بينهم - وقد فاز دب الكوالا - ما داموا قد تحرروا من سلطة "سيدهم" وجبروته وطغيانه وتعسفه واستبداده المستمر .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بقلم الرائع أ/شوكت صفدي/////

"... نسيت وجعي، تعطر حزني بالحرية، نأيت عن أزمنة الشقاء، أزمنة الموت قهراً، وتوقفت معك لحظات الحلم، مبللين بأمطار تشرين ورعود تشرين ورياحه ووريقاته فوق قارعة الطريق القديمة، وعطره الخريفي.. وكانت جميعها تعزف موسيقا رقصتنا !.. جزء مني عاد إلى جسدي، وظل جزئي الآخر يرقص بين أطيافك.. سألتني أن نجعلها ألف عام قادمة.. وقلت، بل أريدها أن لا تنتهي خلود الزمن... لم تنقطع موسيقى الوجود لحظة، ولم ينقطع عزيف المطر والريح فوق النافذة، ونيران الموقد لم تخمد جواري... ومراهقتي التي هربت زمناً، ها هي تركض فوق الطرقات عائدة إلي، ترقص تحت المطر.. وشبابي المهاجر يستقبلني بشعر أشقر.. وطفلي الضائع في الغربة، يرجع من الفرار الى صدري، وإلى حضن وطن.. " يا عطر " . " عطر خريفي : من رواياتي "

بقلم الرائع أ/محمود عمر/////

«شرفة العمر الحزين» *********** عشت عمري كله شتاء وخريف وظللت أحلم كل يوم أن يأتي الربيع وطال بي الانتظار في شرفة العمر الحزين أتدثر بالأمل كلما اشتد بي الصقيع وكلما مر عام أنتظر البشارة تأتي في عام جديد يأتي فيه الربيع مرت الأعوام تباعاً عام خلف عام خلف عام والأيام تزداد قسوة والعمر شيء فظيع كم تمنيت أن يسرع الخطى ولكن الأمنيات عندي مستحيلة في زمن القساوة شنيع لم تشفع عنده طيبة القلب... ولا طيلة الصبر على الأحزان... ولا كثرة جروح الروح وآلام القلب وكأن الفرح علي منيع...!! حتى جاءني سهم الموت في وتين القلب من سند الحياة ممن ادخرته للأيام عوناً وليت الموت وقيع  لأذوق الموت مراراً  وطعم السكرات مرير...!!  أيا موتاً يأبى  يقربني  ألا لك من سبيل أسلكه...؟!  أو باباً أكون له قريع...؟!  لأترك دنيا نكرتني  فكرهت كل ما فيها  فكل ما فيها وضيع  فامدد يدك بكأس المنايا  فكم تجرعت أمر منه...!!  ولم أشتك يوماً  وكن معي خير صنيع...!!  محمود عمر

بقلم الرائع أ/عبد الرحمن القاضي/////

"غَزَليَّة" في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا نَدنوْ مِنْهُ ولا يأتيْنا نُهدِيْ عِطْرَ الحُبِّ إلَيْهِ ويُعَشِّمُنا ويُمَنّيْنا فَرْدٌ مِنْ عائِلَةِ الوَرْدِ يَنْضَحُ فُلّاً أو ياسَميْنا يَضْحَكُ إنْ قد كُنْتُ سَعيداً أو يَبْكِيَ إنْ صِرْتُ حَزيْنا ما في قَلبِيَ إلّا أنْتَ أمّا غَيْرُكَ لا يَعْنيْنا في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا... ! #عبدالرحمن_القاضي