التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بقلم الرائع أ/فوزي نجاجرة/////


رحلة إلى قمة الجبل
عندما فتحت عيوني على محيطي الاجتماعي ، رأيت كل الناس الذين أحيا بينهم يزحفون فوق الأرض على بطونهم في السعي فاقدين للحب .فجلهم يقضون أعمارهم لاهثين في سديم العمر وخلف سرابه، دون أن يحظوا بالوصول الى ذواتهم ولا غاياتهم ، وذلك بسبب تمكينهم الأخرين منها ، حيث سبقوهم اليها واحتلوها من قبل مجيئهم الى الحياة، فأصبح المرء منهم،( هو هم، وأصبحوا هم هم )، ولم يحظى المرء منهم طوال رحلته في هذه الدنيا بالتفرد ، حيث لم يسمح له سوى اجترار الفشل والحسرة والندامة لأنه جزء من قطيع .
لم أشك يوما عندما كنت أعوم في بحر الظلام ، أنني انسان مختلف ، واذا ما صعدت الى قمة الجبل العالي ، فانني سأضع يداي الصغيرتان على جزء من السماء، وربما اقتطع منها قطعة صغيرة من السعادة لأعود بها الى دنيتي المتواضعة ، أو لربما استطعت النفاذ الى داخل تلك السماء ، وأجد فيها عالما مثيرا ومختلف .
بعد جولات من التأمل الطويل القصير ، عقدت العزم على الشروع بتنفيذ رحلتي، كي أحقق هدفي المتواضع وأنا بعدي الطفل الصغير . أخذت زادي وزوادي، بعض من ارادة، وكثير من الحب وأشياء من الهمة العالية، كثير من حبال الصبر . انطلقت في رحلتي بخطوي البسيط، ساعيا الى الوصول الى قمة الجبل، حيث ترتكز السماء على قمته . تحركت قدماي وأنا مرفوع الرأس والهامة ، بدأت المسير بنفسية متفائلة وبفرح لم أعتده من قبل ، لا شيئ يسكنني سوى مشاعر السعادة بملامسة السماء ، فأنا الطفل الصغير وصاحب الأيادي القصيرة الطويلة .
عندما انطلقت في سعيي، لم أكن أملك في هذه الحياة سوى زمني، فكلما قطعت بعضا منه ، أقف وانظر الى الأعلى، أنظر الى السماء ، فأجدها مكانها تماما ترنو الي ، أتشجع وأعاود سعيي غير أبهِ بصعوبة الدرب ووعورته . مشيت ومشيت وحثثت خطاي كي اصل غايتي ، لم أشك لحظة انني يوما ما سأصل الى تلك السماء فأصافحها وألامسها بيداي، وسأحاول أن أحضر قطعة منها الى حيث أريد، أو ربما ستأخذني هي حيث تريد ، فأعاود الصعود والقعود ، حتى استطعت وصول قمة الجبل الموعود ، حالما وصلته وبلغت قمته، اكتشفت أن السماء أعلى بكثير مما أعتقدتها ، فهي تحتاج حتى أصلها الى الصبر الكبير، والى مساحة من الحب الكبير، تحتاج الى العمل، التأمل ، الى التفكر والى كل ما يمت بصلة الى الوعي، والأهم من كل ذلك تحتاج الى القناعة .
اتذكر أنني بدأت المسير وقد كنت طفلا صغيرا حالما كفيفا أعمى البصر ، وبعدما بلغت قمة الجبل نظرت الى هيأتي ، واذ بي أرى الشعر الأبيض قد غزى مفارقي، وسيطر على جميع رأسي ، واذ بوجهي مليئ بتجاعيد الخيبات ممن أحببتهم كثيرا ، وأنني لم أعد أنا ، فقد أصبحت انسانا أخر، انسانا يعيش عزلة تامة دون محاولة تذكر مراحل رحلته ، حينها قررت أن أغمض عيناي أسفا عن ما حل بي ، فلما أغمضتها، فجأة ومباشرة رأيت السماء ليست متكئة على قمة ذاك الجبل الموعود الذي كم حلمت بالوصول اليه ، رأيتها متكئة علي أنا وتحتضنني ، فكنت أنا بشحمي ولحمي ذاك الجبل .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بقلم الرائع أ/شوكت صفدي/////

"... نسيت وجعي، تعطر حزني بالحرية، نأيت عن أزمنة الشقاء، أزمنة الموت قهراً، وتوقفت معك لحظات الحلم، مبللين بأمطار تشرين ورعود تشرين ورياحه ووريقاته فوق قارعة الطريق القديمة، وعطره الخريفي.. وكانت جميعها تعزف موسيقا رقصتنا !.. جزء مني عاد إلى جسدي، وظل جزئي الآخر يرقص بين أطيافك.. سألتني أن نجعلها ألف عام قادمة.. وقلت، بل أريدها أن لا تنتهي خلود الزمن... لم تنقطع موسيقى الوجود لحظة، ولم ينقطع عزيف المطر والريح فوق النافذة، ونيران الموقد لم تخمد جواري... ومراهقتي التي هربت زمناً، ها هي تركض فوق الطرقات عائدة إلي، ترقص تحت المطر.. وشبابي المهاجر يستقبلني بشعر أشقر.. وطفلي الضائع في الغربة، يرجع من الفرار الى صدري، وإلى حضن وطن.. " يا عطر " . " عطر خريفي : من رواياتي "

بقلم الرائع أ/محمود عمر/////

«شرفة العمر الحزين» *********** عشت عمري كله شتاء وخريف وظللت أحلم كل يوم أن يأتي الربيع وطال بي الانتظار في شرفة العمر الحزين أتدثر بالأمل كلما اشتد بي الصقيع وكلما مر عام أنتظر البشارة تأتي في عام جديد يأتي فيه الربيع مرت الأعوام تباعاً عام خلف عام خلف عام والأيام تزداد قسوة والعمر شيء فظيع كم تمنيت أن يسرع الخطى ولكن الأمنيات عندي مستحيلة في زمن القساوة شنيع لم تشفع عنده طيبة القلب... ولا طيلة الصبر على الأحزان... ولا كثرة جروح الروح وآلام القلب وكأن الفرح علي منيع...!! حتى جاءني سهم الموت في وتين القلب من سند الحياة ممن ادخرته للأيام عوناً وليت الموت وقيع  لأذوق الموت مراراً  وطعم السكرات مرير...!!  أيا موتاً يأبى  يقربني  ألا لك من سبيل أسلكه...؟!  أو باباً أكون له قريع...؟!  لأترك دنيا نكرتني  فكرهت كل ما فيها  فكل ما فيها وضيع  فامدد يدك بكأس المنايا  فكم تجرعت أمر منه...!!  ولم أشتك يوماً  وكن معي خير صنيع...!!  محمود عمر

بقلم الرائع أ/عبد الرحمن القاضي/////

"غَزَليَّة" في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا نَدنوْ مِنْهُ ولا يأتيْنا نُهدِيْ عِطْرَ الحُبِّ إلَيْهِ ويُعَشِّمُنا ويُمَنّيْنا فَرْدٌ مِنْ عائِلَةِ الوَرْدِ يَنْضَحُ فُلّاً أو ياسَميْنا يَضْحَكُ إنْ قد كُنْتُ سَعيداً أو يَبْكِيَ إنْ صِرْتُ حَزيْنا ما في قَلبِيَ إلّا أنْتَ أمّا غَيْرُكَ لا يَعْنيْنا في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا... ! #عبدالرحمن_القاضي