حينَ طردتْني الحيواناتُ من جمعياتِ الرِّفقِ بهم،
حضيتُ بعضويةِ رابطةِ عشّاقِ الحمامِ الزّاجل، كي اتعلَّمَ ألاّ أعودُ..!
أكتبُ جمعي، أجمعُ كتبي
أمشي وحدي بدربِ الطينِ،
لست أبيض بما يكفي،لكنَّ لي قلباً بشرطِ السكينِ..!
الوجهُ الذي رسمتهُ على زجاجِ المرايا
يبكي مجاناً بدلاً عنّي،
الوجوه التي رسمتُها بأصبعي على نوافذِ القطارِ
تغادرُني واحداً واحداً
الأقداحُ الفارغةُ على المنضدةِ
تشربُ من وجهي قهوتَها السمراءَ
يقايضُني الفجرُ بحلمٍ، والليلُ بوهمٍ..
و شفتاكِ بموتي...
لذا أيقنتُ برهنِ احتباسي..!
جلدُ النصِّ المحروقِ بلسعاتِ أصابعي
كما كلِّ مرةٍ أطفئُ بدمِه أعقابَ سجائري..!
الفحمُ المطفأُ يحتضنُ مدفأةَ المدينةِ يكفي أن اسودَّتْ بلونهِ كلُّ الأكفانِ
لهذا يصرُّ أحدُ النقّادِ ان أكتبَ قصائدي بالألوانِ...!
٢
اتحسَّسُ:
جسدَ القصيدةِ الباردِ، زغبَها المرتعشَ، انكماشَ أصابعِها، ثمةَ ازرقاقٍ يعلو شفتيها، يرافقُه اصطكاكُ أسنانٍ صفراءَ أكلَ الدُّخانُ كثيراً من بياضِهما
هذا النمشُ المتناثرُ يمتدُّ على سحناتِ وجهها المنقرشِ ليخبرَني أن ثمَّةَ دورةٍ مراهقةٍ عصيبةٍ حفرت ندوباً لا ترحلُ مع تقادمِ دمِ الحبر في قعرِ الدواةِ..!
اتلمسُ:
هذا الجسدَ المسجّى والمقمط بأثوابٍ بيضاءَ لا أدري سرَّها
هل خرقُ ولادةٍ ام أكفانُ موتٍ وفناء.ٍ.؟
اتلفتُ عن يميني وشمالي أبحثُ عن خصلةٍ من جديلتها أضعها في جيبِ جُبَّةِ نَصّي،
أنفضُ أقمطتَها
أفشلُ كعادتي في قطعِ خيوطِها
تتشابكُ أصابعي بسوستات حمالتها ليقفزَ أرنبٌ فاغراٌ فمهُ ليأكلَ آخرَ جزرةٍ من حقلِ النصّ..!
٣
كقائدٍ عسكريٍّ متقاعدٍ أجلسُ متقرفصاً جاثياً على ركبتي أخططُ لحربٍ لن أذهبَ إليها
لن أحفلَ بأوسمةٍ أعلِّقُها على صدري، بدلتي العسكريّةُ الوحيدةُ تبرَّعتُ بها لمتحفِ المحاربينَ القدامى أمثالي..
أنا الآن بملابسي الداخليةِ فقط،
أشيرُ بأصبعي المتورمِ بعد أن أكل (الكنكري) الجزءَ الأكبرَ من سلامياتها
مع ذلك أمارسُ هذا الهوسَ الجنوني بأتمام خطتي التي من أجلِها عجلتُ بأوراق تقاعدي قبل أوانهِ.
قرقعةُ أواني المطبخِ والجلبةُ التي تحدُثها هذه العجوزُ بأكفِّها المرتعشة.ِ تذكِّرُني بجعجةِ خوذِ المقاتلين وأصطكاكِ أسنانِهم في ساحاتِ الموتِ في ليالي الشتاءِ الباردةِ
الساعةُ الفان ومائةٌ وستّة عشٍر بتوقيتِ الحصّة اليوميةِ وعند الضياءِ الأوّل حيث خطّ الشروع أحركُ أوّلَ بيدقٍ في كتيبةِ جندي..
أقودُ قطعاناً رمليةً وثمةَ غيومٍ تحجبُ قرصَ النّورِ وتسحقُ آخرَ جنديٍّ للنجمِ،
أشباحٌ في حقولِ الألغامِ تدور في رأسي وعلى مايبدو أنَّ لجامَ الأمرِ أفلتَ من قبضةِ كفّي..
هل يا تُرى كان العرقُ المغشوشُ من يضع بسطالَهُ الأحمرَ على خدّي..؟
* غراس *
تعليقات
إرسال تعليق