التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بقلم الرائع أ/حيدر غراس/////


حينَ طردتْني الحيواناتُ من جمعياتِ الرِّفقِ بهم،
حضيتُ بعضويةِ رابطةِ عشّاقِ الحمامِ الزّاجل، كي اتعلَّمَ ألاّ أعودُ..!
أكتبُ جمعي، أجمعُ كتبي
أمشي وحدي بدربِ الطينِ،
لست أبيض بما يكفي،لكنَّ لي قلباً بشرطِ السكينِ..!
الوجهُ الذي رسمتهُ على زجاجِ المرايا
يبكي مجاناً بدلاً عنّي،
الوجوه التي رسمتُها بأصبعي على نوافذِ القطارِ
تغادرُني واحداً واحداً
الأقداحُ الفارغةُ على المنضدةِ
تشربُ من وجهي قهوتَها السمراءَ
يقايضُني الفجرُ بحلمٍ، والليلُ بوهمٍ..
و شفتاكِ بموتي...
لذا أيقنتُ برهنِ احتباسي..!
جلدُ النصِّ المحروقِ بلسعاتِ أصابعي
كما كلِّ مرةٍ أطفئُ بدمِه أعقابَ سجائري..!
الفحمُ المطفأُ يحتضنُ مدفأةَ المدينةِ يكفي أن اسودَّتْ بلونهِ كلُّ الأكفانِ
لهذا يصرُّ أحدُ النقّادِ ان أكتبَ قصائدي بالألوانِ...!
٢
اتحسَّسُ:
جسدَ القصيدةِ الباردِ، زغبَها المرتعشَ، انكماشَ أصابعِها، ثمةَ ازرقاقٍ يعلو شفتيها، يرافقُه اصطكاكُ أسنانٍ صفراءَ أكلَ الدُّخانُ كثيراً من بياضِهما
هذا النمشُ المتناثرُ يمتدُّ على سحناتِ وجهها المنقرشِ ليخبرَني أن ثمَّةَ دورةٍ مراهقةٍ عصيبةٍ حفرت ندوباً لا ترحلُ مع تقادمِ دمِ الحبر في قعرِ الدواةِ..!
اتلمسُ:
هذا الجسدَ المسجّى والمقمط بأثوابٍ بيضاءَ لا أدري سرَّها
هل خرقُ ولادةٍ ام أكفانُ موتٍ وفناء.ٍ.؟
اتلفتُ عن يميني وشمالي أبحثُ عن خصلةٍ من جديلتها أضعها في جيبِ جُبَّةِ نَصّي،
أنفضُ أقمطتَها
أفشلُ كعادتي في قطعِ خيوطِها
تتشابكُ أصابعي بسوستات حمالتها ليقفزَ أرنبٌ فاغراٌ فمهُ ليأكلَ آخرَ جزرةٍ من حقلِ النصّ..!
٣

كقائدٍ عسكريٍّ متقاعدٍ  أجلسُ متقرفصاً جاثياً على ركبتي أخططُ لحربٍ لن أذهبَ إليها
لن أحفلَ بأوسمةٍ أعلِّقُها على صدري، بدلتي العسكريّةُ الوحيدةُ  تبرَّعتُ بها لمتحفِ المحاربينَ القدامى أمثالي.. 
أنا الآن بملابسي الداخليةِ فقط،
أشيرُ بأصبعي المتورمِ  بعد أن أكل (الكنكري) الجزءَ الأكبرَ من سلامياتها
مع ذلك أمارسُ هذا الهوسَ الجنوني بأتمام خطتي التي من أجلِها عجلتُ بأوراق تقاعدي قبل أوانهِ. 

قرقعةُ أواني المطبخِ والجلبةُ التي تحدُثها هذه العجوزُ بأكفِّها المرتعشة.ِ تذكِّرُني بجعجةِ خوذِ المقاتلين وأصطكاكِ أسنانِهم في ساحاتِ الموتِ في ليالي الشتاءِ الباردةِ
الساعةُ الفان ومائةٌ وستّة عشٍر بتوقيتِ الحصّة اليوميةِ وعند الضياءِ الأوّل حيث خطّ الشروع أحركُ أوّلَ بيدقٍ في كتيبةِ  جندي..
أقودُ قطعاناً رمليةً وثمةَ غيومٍ تحجبُ قرصَ النّورِ وتسحقُ آخرَ جنديٍّ للنجمِ،
أشباحٌ في حقولِ الألغامِ تدور في رأسي وعلى مايبدو أنَّ لجامَ الأمرِ  أفلتَ من قبضةِ كفّي.. 
هل يا تُرى كان العرقُ المغشوشُ من يضع بسطالَهُ الأحمرَ على خدّي..؟ 

      * غراس *

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بقلم الرائع أ/شوكت صفدي/////

"... نسيت وجعي، تعطر حزني بالحرية، نأيت عن أزمنة الشقاء، أزمنة الموت قهراً، وتوقفت معك لحظات الحلم، مبللين بأمطار تشرين ورعود تشرين ورياحه ووريقاته فوق قارعة الطريق القديمة، وعطره الخريفي.. وكانت جميعها تعزف موسيقا رقصتنا !.. جزء مني عاد إلى جسدي، وظل جزئي الآخر يرقص بين أطيافك.. سألتني أن نجعلها ألف عام قادمة.. وقلت، بل أريدها أن لا تنتهي خلود الزمن... لم تنقطع موسيقى الوجود لحظة، ولم ينقطع عزيف المطر والريح فوق النافذة، ونيران الموقد لم تخمد جواري... ومراهقتي التي هربت زمناً، ها هي تركض فوق الطرقات عائدة إلي، ترقص تحت المطر.. وشبابي المهاجر يستقبلني بشعر أشقر.. وطفلي الضائع في الغربة، يرجع من الفرار الى صدري، وإلى حضن وطن.. " يا عطر " . " عطر خريفي : من رواياتي "

بقلم الرائع أ/محمود عمر/////

«شرفة العمر الحزين» *********** عشت عمري كله شتاء وخريف وظللت أحلم كل يوم أن يأتي الربيع وطال بي الانتظار في شرفة العمر الحزين أتدثر بالأمل كلما اشتد بي الصقيع وكلما مر عام أنتظر البشارة تأتي في عام جديد يأتي فيه الربيع مرت الأعوام تباعاً عام خلف عام خلف عام والأيام تزداد قسوة والعمر شيء فظيع كم تمنيت أن يسرع الخطى ولكن الأمنيات عندي مستحيلة في زمن القساوة شنيع لم تشفع عنده طيبة القلب... ولا طيلة الصبر على الأحزان... ولا كثرة جروح الروح وآلام القلب وكأن الفرح علي منيع...!! حتى جاءني سهم الموت في وتين القلب من سند الحياة ممن ادخرته للأيام عوناً وليت الموت وقيع  لأذوق الموت مراراً  وطعم السكرات مرير...!!  أيا موتاً يأبى  يقربني  ألا لك من سبيل أسلكه...؟!  أو باباً أكون له قريع...؟!  لأترك دنيا نكرتني  فكرهت كل ما فيها  فكل ما فيها وضيع  فامدد يدك بكأس المنايا  فكم تجرعت أمر منه...!!  ولم أشتك يوماً  وكن معي خير صنيع...!!  محمود عمر

بقلم الرائع أ/عبد الرحمن القاضي/////

"غَزَليَّة" في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا نَدنوْ مِنْهُ ولا يأتيْنا نُهدِيْ عِطْرَ الحُبِّ إلَيْهِ ويُعَشِّمُنا ويُمَنّيْنا فَرْدٌ مِنْ عائِلَةِ الوَرْدِ يَنْضَحُ فُلّاً أو ياسَميْنا يَضْحَكُ إنْ قد كُنْتُ سَعيداً أو يَبْكِيَ إنْ صِرْتُ حَزيْنا ما في قَلبِيَ إلّا أنْتَ أمّا غَيْرُكَ لا يَعْنيْنا في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا... ! #عبدالرحمن_القاضي