التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بقلم الرائع أ/عبد العزيز عميمر/////


الصخرة الباكيّة :

_تحرّكت الصخرة ولانت،تمايلت وبانت،فَجَرّها الفيضان،بكت لعزّة نفسها ،وهوانها ،مازال السيل يجرّها وهي تقاوم،وتقاوم وأحست بالوهن،تجري أصبحت ككرة صغيرة في قدم طفل،تَضرِبُّ وتُضرَبُ،بدأت تتشقّق، وتطير قطع منها،وهي تنقص شيئا فشيئا،والفيضان ومياهه لايبالي بها،بل يضحك لحالها فاتحا عينيه محدّقا بها باحتقار،هو ينتقم لسنوات ماضية،حينما كانت الصخرة شابة جميلة وقويّة ، كانت تحوّل مياهه عن مجراها وتسدّه وتخنقه ويقوم بكل الحركات ولا ينجح! كانت الصخرة
مانعا قويا على أهل القرية ،فديارهم من الطوب والقشّ ،فكانت تشفق عليهم ولا ترضى لهم الخسارة، والحزن،وهم فقراء يحتاجون للعون وردّ كيد الظالم.
كان القرويون يقيمون احتفالا في ساحة الصخرة،ويقدّمون لها الهدايا، ويزيلون الغبار عنها،ويحضّرون الأكل ويذبحون ثورا، ويوزّعون لحمه
على الجميع، كما تدقٌ الطبول،وتعزف المزامير.
هي ذكريات الصخرة ، والآن تطايرت ،وذهبت حبّاتها
في كلّ حدب وصوب،لم أكن أعرف أبدا أنّ الصخرة
تبكي !ولها نبض! ودموع! غريب! إنّه أمر غريب!
ماسميّت الصخرة بالصخرة إلاّ لصبرها وابتلاعها الشوك،وتبكي داخليا، لايراها أحد،لكن هذه المرّة أطلقت اللجام للخجل والعزّة ،وسمحت للدموع لإطفاء نارها،إنه الهوان ونكران الجميل،وعدم تطبيق: أرحموا عزيز قوم ذلّ.
الصخرة صامتة تتحمّل عبث الصبيان وتقلّب الدهر،ولم نسمعها تشكو ومع مرور الوقت ،ظنّ الجميع
أنها بلا قلب وروح تصلح فقط للمطرقة والشمس الحارقة،ما دامت بكماء،بكت هذه المرّة ليس فقط على نفسها بل على فقراء القرية،سيغمرهم الفيضان الذي منعته عشرات المرّات،والآن صبيان القرية لا شكّ أنهم جرفوا وتهدمت أكواخ الطوب،ياليتها لم تهرم ! ياليتها
قاومت أكثر،ومازالت تفكّر في أهل القريه،وإذا بالفيضان يضربها الضربة القاضية،فتنفجر، وتتجزأ قطعا قطعا،ثم تذوب وتجرّ للوادي،وهكذا تنتهي حكاية
الصخرة الصلبة التي حمت أهل القرية،لكن الشيخوخة
والقدر فعلا فعلتهما .
قبل أن تغمض عينيها ابتسمت لأنها تأمل أن حباتها المتطايرة ستتجمّع،وتتكوّر ،وبعد مدّة وما يحمله الوادي من رمال وفتات صغير سيتصلّب ،وتعود صخرة،وتمنع مرّة اخرى مياه الفيضانات عن أطفال
القرية ،وستظل أكواخ الطوب قائمة تنظر السماء
تراقب الصخرة ،على ضوء القمر ،ولسان حالها يقول:
شكرا ياعزيزتنا الصخرة ،شكرا ياحامية بيوت الطوب .

الكاتب الجزائري : عبدالعزيز عميمر .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بقلم الرائع أ/شوكت صفدي/////

"... نسيت وجعي، تعطر حزني بالحرية، نأيت عن أزمنة الشقاء، أزمنة الموت قهراً، وتوقفت معك لحظات الحلم، مبللين بأمطار تشرين ورعود تشرين ورياحه ووريقاته فوق قارعة الطريق القديمة، وعطره الخريفي.. وكانت جميعها تعزف موسيقا رقصتنا !.. جزء مني عاد إلى جسدي، وظل جزئي الآخر يرقص بين أطيافك.. سألتني أن نجعلها ألف عام قادمة.. وقلت، بل أريدها أن لا تنتهي خلود الزمن... لم تنقطع موسيقى الوجود لحظة، ولم ينقطع عزيف المطر والريح فوق النافذة، ونيران الموقد لم تخمد جواري... ومراهقتي التي هربت زمناً، ها هي تركض فوق الطرقات عائدة إلي، ترقص تحت المطر.. وشبابي المهاجر يستقبلني بشعر أشقر.. وطفلي الضائع في الغربة، يرجع من الفرار الى صدري، وإلى حضن وطن.. " يا عطر " . " عطر خريفي : من رواياتي "

بقلم الرائع أ/محمود عمر/////

«شرفة العمر الحزين» *********** عشت عمري كله شتاء وخريف وظللت أحلم كل يوم أن يأتي الربيع وطال بي الانتظار في شرفة العمر الحزين أتدثر بالأمل كلما اشتد بي الصقيع وكلما مر عام أنتظر البشارة تأتي في عام جديد يأتي فيه الربيع مرت الأعوام تباعاً عام خلف عام خلف عام والأيام تزداد قسوة والعمر شيء فظيع كم تمنيت أن يسرع الخطى ولكن الأمنيات عندي مستحيلة في زمن القساوة شنيع لم تشفع عنده طيبة القلب... ولا طيلة الصبر على الأحزان... ولا كثرة جروح الروح وآلام القلب وكأن الفرح علي منيع...!! حتى جاءني سهم الموت في وتين القلب من سند الحياة ممن ادخرته للأيام عوناً وليت الموت وقيع  لأذوق الموت مراراً  وطعم السكرات مرير...!!  أيا موتاً يأبى  يقربني  ألا لك من سبيل أسلكه...؟!  أو باباً أكون له قريع...؟!  لأترك دنيا نكرتني  فكرهت كل ما فيها  فكل ما فيها وضيع  فامدد يدك بكأس المنايا  فكم تجرعت أمر منه...!!  ولم أشتك يوماً  وكن معي خير صنيع...!!  محمود عمر

بقلم الرائع أ/عبد الرحمن القاضي/////

"غَزَليَّة" في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا نَدنوْ مِنْهُ ولا يأتيْنا نُهدِيْ عِطْرَ الحُبِّ إلَيْهِ ويُعَشِّمُنا ويُمَنّيْنا فَرْدٌ مِنْ عائِلَةِ الوَرْدِ يَنْضَحُ فُلّاً أو ياسَميْنا يَضْحَكُ إنْ قد كُنْتُ سَعيداً أو يَبْكِيَ إنْ صِرْتُ حَزيْنا ما في قَلبِيَ إلّا أنْتَ أمّا غَيْرُكَ لا يَعْنيْنا في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا... ! #عبدالرحمن_القاضي