التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بقلم الرائع أ/فوزي نجاجرة//////


فوزي نجاجرة من فلسطين
الحلقة رقم (٣) من روايتي أمضي أم أعود ؟؟؟
في الطريق المؤدي الى منطقة سكنها التقت بخالد ، وجدوا انفسهم وجها لوجه مع بعض ، تبادلوا التحايا مع الابتسامات المشرقة ، تحدثوا عن الجو ، ظروف الشغل ، وعن مواعيد الدوام والمغادرة ، وجهت خديجة دعوة لخالد لزيارتها في مكان عملها في الروضة ، فرحب بهذه الدعوة على الفور . تناقشوا في اخر أخبار الوضع في البلد وهم بغاية السعادة . رغبت خديجة بالتعرف أكثر على خالد ، على وضعه الاسري والاجتماعي . خالد شاب يبلغ الخامسة والعشرين من عمره ، طويل القامة ، رأسه كبير نسبيا ، وجهه طفولي ، عريض الكتفين بعضلات بارزة ، عيناه عسليتين صافيتن ، يرتدي ملابس عملية ليست من الملابس الرسمية او الفاخرة . في الوقت الذي كانت فيه خديجة تتمنى الارتباط من شخص مثله ، كان هو أيضا يفكر فيها ، فهي من نوعية النساء اللاتي يفضلهن ، فمنذ زمن وهو يبحث عن فتاة مناسبة لتشاركه حياته . منذ أن التقاها في حادثة الطفل ، وصورتها تتردد في دماغه ، فهو يفكر بالارتباط بفتاة ناضجة مثلها ، يفضلها أن تكون عاملة ولها دخل مستقل عن أهلها ، تتمتع بجمال الى حد ما ، من عائلة محافظة ، هدفها أن تستقر وتكوين اسرة . تعتبر خديجة من النساء المتوسطات في القامة والهيئة ، أي لا نحيفة ولا سمينة، لونها قمحي، عينيها سوداء واسعة، وجهها صغير ، شفتها السفلى سميكة بارزة شعرها أسود فاحم، ترتدي باستمرار بلوزة وبنطلون جينز ، تغطي شعرها بمنديل . بشكل عام فانها حسنة الطلعة والهيئة، جميلة المحيا، ذات ملامح انثوية طاغية، ابتسامتها دائما ما تسبق كلامها ، فمن يراها أو يحادثها لأول مرة ، لا يستطيع الا الارتياح لها وكأنه يعرفها من القدم ، فلها موهبة عجيبة في التألف مع الناس، واشعارهم بالارتياح في حضرتها كما لو كانت تعرفهم منذ زمن بعيد، أو أنها واحدة منهم .
قبل ظهيرة يوم خميس، فاجئ خالد خديجة بزيارتها في مكان عملها ، شعرت معها خديجة أن هذا اليوم مميز جدا عن بقية الأيام ، استقبلته بحفاوة كبيرة وحارة ، بداية تلعثمت قليلا ثم فكت ، قامت بتعريفه على زميلاتها الثلاثة ، شرحت له عن الروضة وعدد ألأطفال فيها ، أعربت له عن رضاها التام عن عملها هذا . أثنى خالد عليها وعلى عملها ، جلسوا سوية منفردين في حديقة الروضة ، شربوا القهوة مع الشوكلاطة . استفسر هو عن اسرتها ، أخبرته أن لها أم وأب وثلاثة أخوات يكبرنها ، جميعهن متزوجات ، لها شقيقين احدهم مهاجر ، والثاني متزوج يعمل في ورش البناء .
بعد أكثر من عام على تعارفهم ، صارحها خالد برغبته في طلب يدها من والديها ، واذا تمت الموافقة ، فهو ينتوي الزواج منها في أقرب وقت ممكن ، فرحت خديجة فرحا كبيرا لقراره ، عادت منتشية لبيتها فرحانة ، أخيرأ ها هي وصلت لما كانت تتمناه وتطمح اليه ، تعتبر خديجة أن خالد رجل بكل معنى للكلمة ، لا يتكرر بالنسبة لها ، لا ينقصه شيئ . أعلمت أمها بالموضوع على عجل ، سرت الام وتفائلت لهذا الخبر المفرح ، وعقبت عليه فقالت : ( اذا فيه خير ان شاء الله يكون من نصيبك) . في مساء يوم الجمعة التالي ، توجه خالد مع والديه الى بيت خديجة وطلبوا يدها من والدها وشقيقها أحمد ، بعد مشاورات قصيرة داخل العائلة ومع البنت ، وافقوا على الطلب ، اتفقوا على أن تتم الخطوبة والاعلان عنها بعد اسبوع ، ويكون الزواج بعد حوالي شهرين وليس أكثر ، كي يتسنى لكلا الطرفين تحضير أنفسهم . تمت الخطوبة وبدأت التحضيرات ليوم الزفاف .
                    *******
           البراءة هي صفة من طبيعة الأنسان التي خلقه الله عليها ، فالطفل حال قدومه الى الحياة ، تكون البراة والنقاء والسعادة هي الصفات الملازمة له ، كثيرا من الأحيان ، عندما نلاعب الطفل أو نداعبه ، يبتسم فورا كاستجابة وردة فعل أولية على مداعبتنا له ، لماذا يبتسم الطفل ؟ لان الله طبع فيه السعادة ، هو يتوقع من الأخرين ومن الحياة كل ما هو خير، لا يعرف الخوف من أحد ، لا يخاف من البيئة ، لماذا لا يخاف ؟ لأنه يجهل ما تخبئه البيىئة له ، فالطفل يعتقد لجهله بالواقع ، أن كل ما يحيط به هو حب وسلام ، لذلك فان ردود فعله على محدثه هو الابتسام والفرح . يبقى الطفل على هذه الطبيعة الخيرة ، حتى يبدأ بتلقي المعاملة القاسية من المحيط ، مثل الضرب أو الشتم أو التهديد أو الترهيب ، وغيرها ما يندرج في قاموس المعاملات الاجتماعية ، فما بقيت دائرة معاملاته مع اسرته ، يبقى بريئا وسعيدا، أول خيباته تبدأ عندما يخرج من جو الأسرة الى الدائرة الأوسع مثل الشارع ، هناك يواجه خبرات جديدة ، يلتقي مع أطفالا غرباء ربما  يضربونه ، أو يشتمونه بألفاظ سيئة لم يعهدها في بيته من والديه أو أشقائه ، حينها تبدأ  ابتسامته بالتراجع عن ذي قبل ، يبدأ عنده الخوف ، التردد ، وقلة الاقدام ، يبدأ بالحذر من الأخرين ، وربما الزعل  ، والتوتر وأشياء كثيرة متعددة .
        اعتادت خديجة الاستمتاع بكل شيئ جميل ، فالجمال منهجها وعنوانها ، مطالعة الكتب الأدبية تأتي في الدرجة الأولى لديها ، والورود الوانها وشمها تأتي بالدرجة الثانية . تحب كل من يحب الورد. اذا أحبت شخصا تهديه الورد ، كذلك هي تحب كثيرا أن تهدى الورد ، اذا ذهبت الى زيارة أحدى صديقاتها ، أول ما يلفت انتباهها بقوة في بيوتهم  هو المكتبات ، وأصص الورد ، تجدها تنجذب بسرعة لتفحص عناوين الكتب ونوعياتها ، ثانيا تحدق في كل وردة وتشتم رائحتها . في السوق اولا وقبل كل شيئ تندفع نحو المكتبات ، تقرأ معظم عناوين الروايات ومؤلفيها ، تسأل عن الاصدارات الحديثة، فتشتري بعضا منها وتقتنيه في مكتبتها المتواضعة . تعتبر خديجة قارئة ممتازة ، فمن أسعد اوقاتها عندما تضع على الطاولة بعض المكسرات والشكلاطات ، غلاية قهوة ، تجلس مع رواية تطالعها بشغف . في الدرجة الثانية تأتي الزهور ، بعد فراغها من المكتبات ، تتوجه نحو محلات بيع الزهور ، محلات بيع العصافير ،  وبيع الأسماك الملونة التي  تسبح في ألأقفاص الزجاجية . اذا وقعت عينيها على شيئ جميل يعجبها لا تتردد في شرائه  . 
         خديجة فتاة يمتلئ قلبها بالسعادة والحب للأخرين ،  تحب أفراد أسرتها ، الجيران ، وتحب زميلاتها في العمل ، ابتسامتها لا تفارق وجهها دائما ، سبحان الله من يحدثها ينجذب لها ، يحبها يرتاح لها ، يحس كأنه يعرفها من قبل . هذه الفتاة أحلامها بسيطة متواضعة ، ترغب في اتمام زواحها من حبيبها خالد ، أن تحبه ويحبها باستمرار ، وتكوين اسرة نموذجية . أن تبني احسن العلاقات مع أقاربها وأقارب زوجها ، وتعيش في هناء وثبات ، وتخلف البنين والبنات ، يكونوا رائعين ورائعات ، توفر لهم أحسن الظروف والامكانات .    
أنت للعقرب أقرب (١)                                                                             
( سئل حكيم : من أشد الأعداء للانسان ؟
يتبع في الحلقة رقم (٤) ان شاء الله .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بقلم الرائع أ/شوكت صفدي/////

"... نسيت وجعي، تعطر حزني بالحرية، نأيت عن أزمنة الشقاء، أزمنة الموت قهراً، وتوقفت معك لحظات الحلم، مبللين بأمطار تشرين ورعود تشرين ورياحه ووريقاته فوق قارعة الطريق القديمة، وعطره الخريفي.. وكانت جميعها تعزف موسيقا رقصتنا !.. جزء مني عاد إلى جسدي، وظل جزئي الآخر يرقص بين أطيافك.. سألتني أن نجعلها ألف عام قادمة.. وقلت، بل أريدها أن لا تنتهي خلود الزمن... لم تنقطع موسيقى الوجود لحظة، ولم ينقطع عزيف المطر والريح فوق النافذة، ونيران الموقد لم تخمد جواري... ومراهقتي التي هربت زمناً، ها هي تركض فوق الطرقات عائدة إلي، ترقص تحت المطر.. وشبابي المهاجر يستقبلني بشعر أشقر.. وطفلي الضائع في الغربة، يرجع من الفرار الى صدري، وإلى حضن وطن.. " يا عطر " . " عطر خريفي : من رواياتي "

بقلم الرائع أ/محمود عمر/////

«شرفة العمر الحزين» *********** عشت عمري كله شتاء وخريف وظللت أحلم كل يوم أن يأتي الربيع وطال بي الانتظار في شرفة العمر الحزين أتدثر بالأمل كلما اشتد بي الصقيع وكلما مر عام أنتظر البشارة تأتي في عام جديد يأتي فيه الربيع مرت الأعوام تباعاً عام خلف عام خلف عام والأيام تزداد قسوة والعمر شيء فظيع كم تمنيت أن يسرع الخطى ولكن الأمنيات عندي مستحيلة في زمن القساوة شنيع لم تشفع عنده طيبة القلب... ولا طيلة الصبر على الأحزان... ولا كثرة جروح الروح وآلام القلب وكأن الفرح علي منيع...!! حتى جاءني سهم الموت في وتين القلب من سند الحياة ممن ادخرته للأيام عوناً وليت الموت وقيع  لأذوق الموت مراراً  وطعم السكرات مرير...!!  أيا موتاً يأبى  يقربني  ألا لك من سبيل أسلكه...؟!  أو باباً أكون له قريع...؟!  لأترك دنيا نكرتني  فكرهت كل ما فيها  فكل ما فيها وضيع  فامدد يدك بكأس المنايا  فكم تجرعت أمر منه...!!  ولم أشتك يوماً  وكن معي خير صنيع...!!  محمود عمر

بقلم الرائع أ/عبد الرحمن القاضي/////

"غَزَليَّة" في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا نَدنوْ مِنْهُ ولا يأتيْنا نُهدِيْ عِطْرَ الحُبِّ إلَيْهِ ويُعَشِّمُنا ويُمَنّيْنا فَرْدٌ مِنْ عائِلَةِ الوَرْدِ يَنْضَحُ فُلّاً أو ياسَميْنا يَضْحَكُ إنْ قد كُنْتُ سَعيداً أو يَبْكِيَ إنْ صِرْتُ حَزيْنا ما في قَلبِيَ إلّا أنْتَ أمّا غَيْرُكَ لا يَعْنيْنا في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا... ! #عبدالرحمن_القاضي