التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بقلم الرائع أ/فوزي نجاجرة/////


لمتابعي روايتي أمضي أم أعود ؟؟؟ الحلقة رقم (٢) :
يا رب ، يا رب الطف في هذا الطفل ، انه يتعلق بيديه الضعيفة في الدربزين ، سيسقط ، نعم سيسقط ، لطفك يا رب ، ركضت خديجة مسرعة ، انكمشت ، توترت ، انشدت أعصابها ، رفعت يديها لفوق تتضرع الى الله....... ازدادت دقات قلبها ، اتسعت فتحات عيونها ، تجمد دمها ، اقشعر بدنها ، وقف شعر رأسها وهي تشاهد سقوط الولد وسقوط قلبها معه ، لطفك يا رب ، لطفك يا رب ، استر يا رب.........
أغمضت عينيها ثم فتحتها وهي ترتعش ومتلعثمة، كي ترى ماذا حل بالطفل، من أين تنزف الدماء من رأسه أو فمه ؟ ..........
فتحت فمها مندهشة.... ذاهلة ..... ضحكت...... فرحت كثيرا..... ، عندما شاهدت شابا طويل القامة ، مثبتا قدماه على الأسفلت ، ويطبق بيديه القويتين على الطفل ، قبل وصوله الى الأسفلت ، وكأنه حبة برتقال أو كرة سلة .......
_ الحمد لله رب العالمين حمداً كثيرا ، الحمد والشكر لك يا رب العالمين ، الذي سخرت لهذا الطفل ، هذا الشاب البطل ، في هذه اللحظة الخاطفة ليتلقفه ، وينقذه من موت محقق .
نظرت الى الشاب نظرة متفحصة حانية ، أعتقدت للوهلة الأولى بأنها تعرفه ، توقعت أن يكون خالد الذي يسكن في نفس حارتها ، شكرته كثيرا وأثنت عليه .
تجمهر العديد من الناس حول الطفل باثارة وفضول كبيرين ، الكل منذهل ، مندهش ، مثار بقوة المشهد وخطورته ، البعض يسأل وأخرون يجيبوا . قالت اذا سمحت ناولني الطفل ، حملته بين يديها وقبلته وهي غير مصدقة ، طلبت من الشاب أن يتبعها ليسلموا الطفل الى عائلته ، دخلوا باب البناية ، ثم صعدوا الدرج الى الطابق الثاني ، ضعط الشاب على الجرس ، فتحت لهم الباب امرأة بدينة في الأربعين من عمرها ، حيث أعتقدوا أنها ام الطفل . مدت يديها وأخذت الطفل ، ثم سألت عن الخبر ، فأخبراها بما حصل ، أجهشت بالبكاء والدموع وحمدت الله كثيرا ، احتضنت ابنها تقبله بشدة ، اصرت الا أن يتفضلوا الى الداخل ، كي تشكرهم ولو على  شرب فنجان قهوة معها ، قالت : 
_ ( والله لا أعرف كيف استطاع تسلق دربزين الحديد رغم ارتفاع الدربزين فهو أمن ، شكرا جزيلا لكم يا محترمين على عملكم البطولي ، الله يقدرنا على معروفكم ، انتم لستم بشر ، أنتم ملائكة ، ربنا جابكم لتنقذوا ابني وسيم في الوقت المناسب ، ربنا يحميكم ويسعدكم ، والله هذا الولد أجانا على عطش بعد ستة بنات قبله ، أبوه كان بده يسميه وحيد ، لكن أنا سميته وسيم ، الله يطعمكم ولد مثله ، ويكون في مثل جماله ووسامته ، هل هذا زوجك يا خالتي ؟ قالت لخديجة .
_ لأ يا خالة هذا مش زوجي ، كمان انا مش متزوجة .
_ الله يستر عليك ويرزقك بابن حلال من قريب ، خليني اروح أعمل قهوة بعد اذنكم ) .
     ذهبت المرأة لتعد القهوة ، أعجاب كبير كان يطفح في نفس خديجة اتجاه هذ الشاب الشهم ، تسأل نفسها من أين جاء وكيف شاهد الطفل وهو يسقط ؟ كيف استطاع بكل جرأة واقتدار الامساك بالطفل بكلتا يديه ؟ كيف تمكن أن يمنع وقوع الولد ؟ سبحان الله !!! هذه القدرة جاءت من رب العالمين ، انه بطل حقيقي ، بالرغم من كثافة الناس المارة في هذا الوقت وهذا المكان ، والعديد منهم شاهد خطورة وضع الطفل ، الا أنه لم يتقدم أي واحد منهم أو يفكر بمساعدة الطفل والتقاطه غيره  . ملأت دماغها صورة هذا الشاب ، وهو مثبت أقدامه باتساع على الأسفلت ، قوة عضلات يديه التي أطبقت على الطفل وكأنه حبة برتقال ، ومنعته من الارتطام بالأرض . فيض من الحب الكبير اجتاحها ، غمرها ، احتل كيانها وأغرقها . لم تشاهد خديجة في كل حياتها السابقة ، موقفا مشابها لموقف هذا البطل الا في أفلام السينما ، يا له من شاب شهم !!! تحركت مشاعرها وأحاسيسها كلها دفعة واحدة نحوه ، رغبت بشدة بتقبيله بالحلال لو كان متاحا لها ذلك ، ولكن هيهات .........ثم  سألته :
_ ألست انت خالد صفوان ابن حارتنا ؟
_ نعم انا خالد صفوان بشحمه ولحمه، هههههه، اعتقدت في البداية أنك انت أم الطفل ، سامحيني، هل أنت متزوجة يا...
_ أنا خديجة أحمد وعزباء ، كنت عائدة من الروضة التي أعمل فيها.
_ هذا يعني انك معلمة روضة ؟ 
_ نعم صحيح ، وانت ماذا تعمل ؟
_ أنا أعمل محاسب في محل النجار للصرافة .
_ بسم الله وما شاء الله عنك يا أخي ، كم أنت رائع  ! والله انك تستحق كل احترام وتقدير ، على موقفك هذا وما قمت به ، حقيقة لولاك لمات الطفل . ان ما قمت به هو عمل بطولي ، لا يستطيع أي شخص أخر القيام به  . 
هههههه، أنا أسرعت ورفعت يدي عندما سقط الطفل ، لكن عيناي كانت مغمضة ، فلو وقع الطفل بين يدي لكان مصيره على الأسفلت هههههه
_ الحمد لله رب العالمين ، والله هالولد مكتوب له حياة جديدة ، الله يحفظه من كل شر .
      شربوا قهوتهم وخرجوا وهم ما يزالون يتحدثون عما حصل . تعرفوا على بعضهم اكثر في الطريق الى حارتهم ، ثم افترقا ، كل واحد منهم ذهب الى بيته .  منذ ذاك اليوم ، أحست خديجة انها تنجذب الى خالد ، ولم تفارق صورته مخيلتها ليل نهار، فباتت مأخوذة به ، كأنها تعرفه منذ زمن سابق ، وتمنت وأرادت أن يكون خالد من نصيبها . فأصبحت دائما أثناء توجهها الى عملها اليومي أو رجوعها منه ، تراقبه من بعيد لبعيد دون جعله يحس بذلك ، عرفت مواقيته ، نسقت مواعيدها من والى البيت مع مواعيده .
   ذات يوم ، وأثناء عودتها من عملها ، في الطريق المؤدي الى منطقة سكنها.....
يتبع في الحلقة رقم (٣) الخميس القادم ان شاء الله .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بقلم الرائع أ/شوكت صفدي/////

"... نسيت وجعي، تعطر حزني بالحرية، نأيت عن أزمنة الشقاء، أزمنة الموت قهراً، وتوقفت معك لحظات الحلم، مبللين بأمطار تشرين ورعود تشرين ورياحه ووريقاته فوق قارعة الطريق القديمة، وعطره الخريفي.. وكانت جميعها تعزف موسيقا رقصتنا !.. جزء مني عاد إلى جسدي، وظل جزئي الآخر يرقص بين أطيافك.. سألتني أن نجعلها ألف عام قادمة.. وقلت، بل أريدها أن لا تنتهي خلود الزمن... لم تنقطع موسيقى الوجود لحظة، ولم ينقطع عزيف المطر والريح فوق النافذة، ونيران الموقد لم تخمد جواري... ومراهقتي التي هربت زمناً، ها هي تركض فوق الطرقات عائدة إلي، ترقص تحت المطر.. وشبابي المهاجر يستقبلني بشعر أشقر.. وطفلي الضائع في الغربة، يرجع من الفرار الى صدري، وإلى حضن وطن.. " يا عطر " . " عطر خريفي : من رواياتي "

بقلم الرائع أ/محمود عمر/////

«شرفة العمر الحزين» *********** عشت عمري كله شتاء وخريف وظللت أحلم كل يوم أن يأتي الربيع وطال بي الانتظار في شرفة العمر الحزين أتدثر بالأمل كلما اشتد بي الصقيع وكلما مر عام أنتظر البشارة تأتي في عام جديد يأتي فيه الربيع مرت الأعوام تباعاً عام خلف عام خلف عام والأيام تزداد قسوة والعمر شيء فظيع كم تمنيت أن يسرع الخطى ولكن الأمنيات عندي مستحيلة في زمن القساوة شنيع لم تشفع عنده طيبة القلب... ولا طيلة الصبر على الأحزان... ولا كثرة جروح الروح وآلام القلب وكأن الفرح علي منيع...!! حتى جاءني سهم الموت في وتين القلب من سند الحياة ممن ادخرته للأيام عوناً وليت الموت وقيع  لأذوق الموت مراراً  وطعم السكرات مرير...!!  أيا موتاً يأبى  يقربني  ألا لك من سبيل أسلكه...؟!  أو باباً أكون له قريع...؟!  لأترك دنيا نكرتني  فكرهت كل ما فيها  فكل ما فيها وضيع  فامدد يدك بكأس المنايا  فكم تجرعت أمر منه...!!  ولم أشتك يوماً  وكن معي خير صنيع...!!  محمود عمر

بقلم الرائع أ/عبد الرحمن القاضي/////

"غَزَليَّة" في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا نَدنوْ مِنْهُ ولا يأتيْنا نُهدِيْ عِطْرَ الحُبِّ إلَيْهِ ويُعَشِّمُنا ويُمَنّيْنا فَرْدٌ مِنْ عائِلَةِ الوَرْدِ يَنْضَحُ فُلّاً أو ياسَميْنا يَضْحَكُ إنْ قد كُنْتُ سَعيداً أو يَبْكِيَ إنْ صِرْتُ حَزيْنا ما في قَلبِيَ إلّا أنْتَ أمّا غَيْرُكَ لا يَعْنيْنا في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا... ! #عبدالرحمن_القاضي