التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بقلم الرائع أ/فوزي نجاجرة/////


فوزي نجاجرة
من فلسطين
الحلقة رقم (٦) لمتابعي رواية أمضي أم أعود ؟؟؟ :
في اليوم التالي جرت الأمور بأفضل حال ، انتقلوا إلى مدينة جديدة وسكن جديد ، عقدوا قرانهم الشرعي ، في حوالي الساعة التاسعة مساء ، أجروا اتصالات تلفونية إلى بعض من ذويهم كي يخبروهم بزواجهم ، وألَّا يبحثوا عنهم . تمت الأمور بهدوء تام ، فكلا العروسين ناضجين ، تزوجوا سرا ، دون أي تدخل من أهلهم . فهم تعبوا كثيرا ويحتاجون إلى الاستقرار والعيش بأمان وهدوء وسلام ، لا أهداف عندهم ليعادوا هذا الشخص أو ذاك ، قضوا أحسن شهر عسل ، تمتعوا بحبهم العظيم الذي كان ينتظرهم بفارغ الصبر ، هذا الحب فاق كل قصص العشاق ، فلا ينقصهم شوق أو حنين ، كم اكتووا بنار الأشواق ليال وليالي . من الآن انتهت معاناتهم ، أدرك كل واحد منهم قيمة الآخر له ، خالد ليس من الشباب الطائشين، هو رجل بحق وحقيقة ، كامل متكامل لديه الكثير من خصائل الرجولة والشهامة والنخوة ، أينما وجد ولا يوجد رجال يكون هو الرجل ، هو صاحب موقف لا يتنازل لا يتراجع أو يتقاعس ، يتصرف بما تمليه عليه أخلاقه الكريمة ورجولته ، المال آخر ما يحضر في حساباته ، انسان غير مادي أو من أصحاب المصالح المقيتة ، الذي لا يسلك سلوكا إلا إذا كان وراءه منفعة ، كانت خديجة بالنسبة له امرأة ولا كل النساء ، إنسانة عملية مدبرة مخلصة ، ذات أخلاق عالية ، تاجرت فيه ولم تفرط ، انتظرته تحملت الإهانات من أهله وأهلها لأكثر من ثلاثة أعوام ، أي إنسانة هذه التي رزقه الله ! كذلك ان الصفات والمواصفات العالية التي يتمتع بها خالد ، فرضت على خديجة احترامه وتقديره والتمسك به ، وتضرب بعرض الحائط خاطر أهلها ، ثم تهرب معه دون اعتبار لأي منهم .
تتكون شقتهم من غرفة نوم وصالة متوسطة ومطبخ وحمام ، فهي سكنة صغيرة متواضعة ، فيها بعض الأثاث المتوسط ، عمل خالد في فرع لنفس المصرف السابق ، حاولت خديجة البحث عن عمل في الروضات في المدينة ولم تجد ، اشتغلت في حضانة للأطفال ، عاش الزوجان حياة هانئة سعيدة ، حاولوا الاستمتاع بكل لحظة في حياتهم الجديدة ، كثيرا ما كانوا يذهبوا في أوقات فراغهم الى أماكن التنزه ، أو لحضور مباريات كرة القدم ، خالد يحب الرياضة ، خديجة تحب مطالعة الكتب مثل الروايات ودواوين الشعر ، فهذه هوايتها المفضلة ، في أغلب الأحيان في اوقات فراغها ، تختار خديجة رواية جميلة من مكتبتها الصغيرة ، وتمضي أجمل الأوقات معها ، فالمطالعة عندها لها طقوس خاصة ، في حضرة الكتاب تعد ما تعده من الأقلام والمفكرة ، قبل كل شيئ تغلي القهوة ، ثم تحضر بعض الشوكلاطات الممتازة ، كذلك بعض المكسرات من اللوز والفستق والبندق وغيرها ، هنا تجد خديجة نفسها ، فعندما يشاهدها خالد في هذه الصورة يحسدها ويغبطها في أن واحد .
                                 *******
      بينما كان  خالد جالسا في الصالة مساء يوم خميس ،  مستمتعا بمتابعة مبارة كرة قدم عالمية في التلفاز ، بعد مضي عام على زواجهم ، طلبت منه خديجة أن يخفض صوت التلفاز لانها تريد أن تخبره بأمر مهم ، قالت :
_ يا خالد حبيبي ، ما رأيك ؟ أنت ستصبح بعد ثمانية أشهر أب !!!
_ خديجة .... ماذا تقولين ؟ غير معقول ....هل انت متأكدة ؟ 
_ ( الدنيا مش واسعيتني ...أنا فرحانة كثير حبيبي ...رايح يصير عندنا طفل ان شاء الله) . 
_ ( الحمد لله رب العالمين حبيبتي ، احكيلي ....احكيلي حبيبتي بالتفصيل )   وماذا س ....... 
     مضت أشهر الحمل مع خديجة بخير ، بعد حوالي ثمانية شهور أنجبت طفلا جميلا جدا ، تشاورت مع خالد حول اسمه ، اقترحت هي أن تسميه حبيب لأنها تحب خالد كثيرا ، بينما اقترح هو أن يسمياه وسيم على اسم الطفل الجميل ، الذي أنقذه في يوم سقوطه عن بلكونة بيته ، وافقت خديجة بكل حب على هذا الاسم ، فقالت مبارك علينا طفلنا وسيم .وبدأ فصل مختلف في حياة الزوجين ، فقد أصبحوا الأن ثلاتة اشخاص ، هذا الزائر الجديد أدخلهم في عالم جديد . فبدأ صوت البكاء يملأ فضاء المنزل ، ارضاعه تنظيفه والعناية به أخذت خديجة كليا من خالد ، صار وسيم شغلها الشاغل ، فكم فرحت بقدومه ، أحست منذ الساعة الأولى لميلاده بأنه أصبح لديها أهل ، فهي مقطوعة من شجرة ، مقاطعة من أهلها ومن أهل زوجها ، ان مجيئ وسيم قد ملأ عليها حياتها ، أصبحت تجلس أمامه كثيرا وتبقى تتأمله ، وتطيل التأمل فيه ، في شعره ، عينيه ، فمه أذنيه يديه رجليه . باتت تقتنع ان وسيم سيعوضها عن أمها وأباها ، أختها وأخاها ، هو كل عالمها ، قررت أن تهبه حياتها وروحها ما بقيت حية ، أحيانا كثيرة ، بينما يكون خالد مستغرقا في النوم ، توقظه من منامه لتحدثه عن أخبار وسيم ، تطلب منه حمله ومداعبته ، يحاول خالد مجاملتها ، ثم يطلب منها بالسماح له بمتابعة نومه ، كي يستطيع الذهاب صباحا الى عمله.
     بينما كان خالد يحمل وسيم وخديجة تسير بجانبه ، عائدين من عيادة الأمومة والطفولة ، بعد أن قاموا باعطاء لقاح للطفل لبلوغه الثلاثة أشهر ، تفاجئ الأثنان بوجود حاجز لجنود صهاينة على مدخل حارتهم ، أثناء وصولهم للحاجز ، طلب منهم الجنود التوقف وابراز الهويات الشخصية ، الضابط المسؤول عن الدورية ، اخذ هوية خالد ، صار يتفحصها ، نظر الى خالد باستهتار ، مد يده ليتحسس عضلات يديه ويضغطها ، ثم سأله بلغة عبرية عربية مكسرة وبتهكم :
_ ( شو..... انت بلعب مصارع يا جيفر ( بطل ) ؟ انت عامل نفسك قوي ، هاه ......احكي ! ).
_ ( لا ، انا ما بألعب مصارعة ) .
_( احكي انت موش مثل محمد علي كلاي جيفر ( بطل ) !!! هااااه ، احكي ...انت موش جيفر ( بطل )... أنت حمور 
( حمار ) كبير ...انت فاهم يا حمور ؟؟؟
  ثم قام بدفع خالد بيده بكل قوته عدة مرات ، وعلى مرأى من جنوده الزعران ، الذين صاروا يضحكون ، قاصدا اهانته أمام زوجته ومسخرته ، أعطى خالد أبنه وسيم لأمه خديجة وأمرها بالذهاب بعيدا بسرعة ، بحركة خاطفة قام خالد بتوجيه ثلاث لكمات سريعة الى أنف الضابط الصهيوني ، مما ادى الى سقوطه على ظهره ، حاول جندي ثاني ضرب خالد ، لكن خالد عاجله بلكمة سريعة وقوية على وجهه ، سقط هو الاخر مغشيا عليه ، تقدم الجنود الواقفين جميعهم وهم خمسة ،انقضوا على خالد ، لم يتمكنوا منه ، جميعهم طرحهم ارضا ، استطاع أن يلقنهم درسا في الرجولة ، في لحظة متأمرة على خالد وعلى الرجولة ، متأمرة مع غربان العدو الصهيوني العنصري ضد الفلسطينين ، صار خالد يترنح يمينا وشمالا ، ثم  سقط أرضا ، واذ برصاص الغدر يطرز جسده الطاهر ، جاءته الرصاصات من جندي كان واقفا على أحد أسطح المنازل ، فقد أفرغ كل عنصريته واجرامه وحقده على الفلسطينين في عشرات الرصاصات من رشاشه ، اخترقت جسد البطل خالد ، على مشهد ومرأى من حبيبته وزوجته خديجة ، كان  أخر ما سمعته منه : وصيتك وسييييييييييبيييييم...... يا ........خ..... ...د.......ي ......ي....... ج........ ة .......  ناحت خديجة وصاحت :
أه يا قدر الطيبين طالت العتمة على الغلبانين
يا عزيزة خبريني عن العريس وعرس الزين
يا صبيحة الوجه وشقيقة النعمان وصلاح الدين
خبريني أأنجبت امنا الارض مثله في العالمين  
يا لهف قلبي ونفسي عليك ويا خير الأكرمين
هل بقي طالع في السبيل يمتشق الحق المبين
اليوم غابت الرجولة وتعفرت الشمس بالطين 
 يا عزيزة بالله خبريني من قتل بطل الميادين
قتله ملوك طوائف النحس يوم باعه البياعين
يتبع في الحلقة رقم (٧) يوم الخميس القادم ان شاء الله.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بقلم الرائع أ/شوكت صفدي/////

"... نسيت وجعي، تعطر حزني بالحرية، نأيت عن أزمنة الشقاء، أزمنة الموت قهراً، وتوقفت معك لحظات الحلم، مبللين بأمطار تشرين ورعود تشرين ورياحه ووريقاته فوق قارعة الطريق القديمة، وعطره الخريفي.. وكانت جميعها تعزف موسيقا رقصتنا !.. جزء مني عاد إلى جسدي، وظل جزئي الآخر يرقص بين أطيافك.. سألتني أن نجعلها ألف عام قادمة.. وقلت، بل أريدها أن لا تنتهي خلود الزمن... لم تنقطع موسيقى الوجود لحظة، ولم ينقطع عزيف المطر والريح فوق النافذة، ونيران الموقد لم تخمد جواري... ومراهقتي التي هربت زمناً، ها هي تركض فوق الطرقات عائدة إلي، ترقص تحت المطر.. وشبابي المهاجر يستقبلني بشعر أشقر.. وطفلي الضائع في الغربة، يرجع من الفرار الى صدري، وإلى حضن وطن.. " يا عطر " . " عطر خريفي : من رواياتي "

بقلم الرائع أ/محمود عمر/////

«شرفة العمر الحزين» *********** عشت عمري كله شتاء وخريف وظللت أحلم كل يوم أن يأتي الربيع وطال بي الانتظار في شرفة العمر الحزين أتدثر بالأمل كلما اشتد بي الصقيع وكلما مر عام أنتظر البشارة تأتي في عام جديد يأتي فيه الربيع مرت الأعوام تباعاً عام خلف عام خلف عام والأيام تزداد قسوة والعمر شيء فظيع كم تمنيت أن يسرع الخطى ولكن الأمنيات عندي مستحيلة في زمن القساوة شنيع لم تشفع عنده طيبة القلب... ولا طيلة الصبر على الأحزان... ولا كثرة جروح الروح وآلام القلب وكأن الفرح علي منيع...!! حتى جاءني سهم الموت في وتين القلب من سند الحياة ممن ادخرته للأيام عوناً وليت الموت وقيع  لأذوق الموت مراراً  وطعم السكرات مرير...!!  أيا موتاً يأبى  يقربني  ألا لك من سبيل أسلكه...؟!  أو باباً أكون له قريع...؟!  لأترك دنيا نكرتني  فكرهت كل ما فيها  فكل ما فيها وضيع  فامدد يدك بكأس المنايا  فكم تجرعت أمر منه...!!  ولم أشتك يوماً  وكن معي خير صنيع...!!  محمود عمر

بقلم الرائع أ/عبد الرحمن القاضي/////

"غَزَليَّة" في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا نَدنوْ مِنْهُ ولا يأتيْنا نُهدِيْ عِطْرَ الحُبِّ إلَيْهِ ويُعَشِّمُنا ويُمَنّيْنا فَرْدٌ مِنْ عائِلَةِ الوَرْدِ يَنْضَحُ فُلّاً أو ياسَميْنا يَضْحَكُ إنْ قد كُنْتُ سَعيداً أو يَبْكِيَ إنْ صِرْتُ حَزيْنا ما في قَلبِيَ إلّا أنْتَ أمّا غَيْرُكَ لا يَعْنيْنا في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا... ! #عبدالرحمن_القاضي