الصورة حيّة بعد الفراق :
وقف متأملا،بشيء من الحسرة،لكن مع ابتسامة
شقت جدار الزمن،صورة حرّكها المكان .
أمام الشاطئ،يرى ذلك الطفل الصغير،المشاغب
كثير الحركة،منشغل ببناء قصره الرملي
،يتألف من ثلاثة طوابق ،الطابق للسفلي للخدم والجواري،الطابق الأول له،والطابق الثاني للأولاد .
يملأ الدلو رملا ثمّ يفرغه ،هذه الركائز والأعمدة،وتلك
الجدران ،تعب الرمل ثقيل،ومع ذلك يواصل العمل. رغم الفراق وتكدّس السنين ، مازلت صورتها تفتح
ذاكرته دون استئذان ،هاهي !...
يراها في الطابق الأول، نعم قطّته صاحبة العينين الخضراوين،يتوهجان بريقا ،تتراقص خيوط الشمس
فوق سطحيهما،يناديها : هو قصرنا ياقطّتي !
مارأيك ؟
تضحك وتقول: مازلت مجنونا! الشمس تحرقك ! تعال
تحت الظل،ترتاح قليلا! ثم ننزل في الماء !
يخادعها ويدفعها ،آح آح آح..أيييي بارد بارد،أكاد أغرق!
تغرق قطتي ! عفوا ( مريم) وأنا هنا ،لا لا سأسبح وأطوف،وأطوي الأمواج ،وأحمل قطّتي تحت ابطي
وأجري لليابسة ،أشوي لها لحم الخروف!
الخروف! من أين لك هذا! بحبات الرمل!
أظن أن الشمس صرعتك بلهيبها لذا ترى الرمال خرفانا!
يضحكان ويعودان للظلّ .
ايه أين أنت ياقطتي،يامريم! وهل مازلت بلون العينين
الذي عرفته!
يتذكر دائما قطّته :
قطتي جميلة..واسمها نميرة
شعرها جميل..وذيلها طويل
لعبها يسلّي.. وهي لي كظلي
تظهر المهارة.. حي تصيد الفاره
ارتبطت مريم بأنشودة القطة ،تعلّمها في الصفّ الأول
ابتدائي ،وتعجبه كثيرا ،ويغازل بها مريم صاحبة
العينين الخضراوين،براءة ولعب بريئ ،بدون مطامع ولا أهداف،لكن أظن أنه تعلق بها ،أحبّها،ترنّ ضحكتها
في ذاكرته،وتقتحم صورتها عينيه،بدون استئذان،
ايه رغم بعد المسافات والزمن ،فالذاكرة ما زالت حيّة
والشوق يتجدّد لوجدان فيّاض في ساقية منحدرة
وفي ديمومة متدفّقة لا تخضع للزمان ولا للمكان ،أهذا
حبّ ! ربما ! لا اعرف! ما اعرفه أن الحب الذي لا يتبعه
لقاء ولا تواصل،هو الحبّ الملتهب ،كجمرة حمراء
يحرّك لهيبها مجرّد نسمة رقيقه.
الكاتب الجزائري: عبدالعزيز عميمر
تعليقات
إرسال تعليق