التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بقلم الرائع أ/عبد العزيز عميمر/////


_خاطرة طفل :

كان قائدا منذ الصغر،يصفّف الأطفال مثله،ويأمرهم بالسير،واحد،اثنين،واحد،اثنين،إنهم جنوده يدرّبهم يوميا،في يده عصا،لا تبارحه أبدا،يرسم بها الخطوط،ويسوي بها الصفّ.

_كل الأطفال في سنّه تحت طاعته،إنه الآمر الناهي،يغلبهم واحدا واحدا،وإذا ظلم أحدهم جاء إليه يشكو،قائد بالفطرة،ومما زاد ذلك ثباتا ،عندما رآه يوما ذلك الدرويش الذي يزور القرية من حين لآخر،تفحّص وجهه مليا وقال: ابنك سيصير له شأن عظيم،سيحكم وذات يوم ،جرب قراءة كتاب: قرعة الأنبياء،
وأغمض عينية وقرأ سورة الفاتحة ثلاث مرات،ثم وضع أصبعه في مربعات صفحة قرعة الأنبياء، نفس الشيء ،سيسود ويحكم ،وله شأن عظيم،قرعته كانت مع النبي سليمان ،وكان يحكم في الجن،وهو يحكم في الأطفال ، لا بأس له الأطفال،ولسليمان العفاريت.

_دخل الأطفال في قاعة كبيرة غريبة،جميلة، ليس مثل أكواخهم ،ولا بدّ من تفويجهم لانطلاق الدروس في ( الكولاج) ومعرفة المستويات،1.2.3...من منكم يعرف كتابة اسمه بالفرنسية ؟ فتأخر! واحمرّ وجهه،هو لا يعرف كيف يكون اسمه؟ جورج؟ جان؟فليب،أيكون روميا ! يالطيف ! ويترك لوحته! وقرآنه! وعربيته! لا! لا! لكن الغريب فالأسماء لم تتغير كتبت فقط بالحرف الفرنسي،الرومي الكافر! هو لا يتحول روميا أبدا .

_هو يقرأ الدرس فقط( عمر تلميذ نظيف يحمل محفظته الجديدة ويتوجه للمدرسة) أعد مرّة أخرى ،احفظها،حفظتها سيدي!

_ايه فرق بينه وبين الطفل عمر الجميل النظيف ، المصوّر في كتاب القراءة للمبتدئين ،بتلك المحفظة الحمراء الجديدة التي تلمع، والحذاء الجلدي يبرق من بعيد ،ويتلوّن تحت الأشعة،والمحفظة ملآنة بالأدوات ،من كل نوع،أحبّ أقلام التلوين في العلبة الكبيرة! آه لو كان يملكها ،لوضعها مع الوسادة لجمال ألوانها وعلبتها المزركشة، إنه فقير، ويظنون أن فقره ظهر لغبائه، هو لا يعرف أبدا من أين يأتون بتلك الأدوات ؟ أين تصنع؟ لا شك تكون في فرنسا! أو ألمانيا،أما في القرية ،فهي ملآنة بالنعاج والخرفان، والماعز ،والبقر،كل بلد مختص بشيء ،هم بعلب الألوان والمحفظة الحمراء، وعندهم عمر،ونحن عندنا الحيوانات ،نربيها ونحبّها ،ونرقد بجانبها.

_تعلّم وقلّد صياحها،وثغاءها،وخوارها،يقلّد كل شيء ،حتّى تقول فعلا هذه أصوات الحيوانات، إنه بارع،براعة القرية،تعطي الخروف،ولا تعطي علبة ألوان،آه،لو وجد أحدا، فيسرق خروفا ،ويستبدله بمحفظة حمراء وعلبة ألوان طويلة،آه لو يحصل ذلك! سيبرهن لهم عن براعته
في الرسم،وليس عمر ابن المدينة هو الذي يعرف فقط،إنه ابن القرية لكن ينافسه،والألوان تطاوعه،،،،،.

_ايه الفقر،المخ موجود،والمحفظة غائبة،اليد بارعة والألوان مفقودة،لو عثر على الأقل على حذاء،ليقي أصابعه من ضربات الحجارة،ومياه الأمطار،ومن الشوك الذي يخافه لحمه ! كم مرة سال دمه! كم ! وكم!،،،يضمّده بقطعة قماش فقط ولا ينتبه إليه،لا قريب ولا غريب ، فإذا أظهرت أصابعك المجروحة،قيل لك: تستحق ذلك يا أعمى! تمشي وتنظر للسماء،فالشوك والحجارة،بريئة،لا لوم عليها،اللوم على الأعمى،فصار يسكت ولا يبيّن أبدا
جراحه،ولا يشكو ولا يتكلّم أمامهم ،حتى لا ينال التوبيخ،يصبر على الألم،والدم ،الله غالب! ولا يصبر على ما تقذفه افواههم،ولكنهم كبار،وأفواههم تقطر عسلا،لكن لا نلحس تلك الحلاوة،كلما تذكرتها تهيأت فأخرج ما في جوفي.

_لا أدري كبرنا مع الشوك،أم الشوك الذي كبر معنا،هو يحب الشوك،ولا يلومه أبدا،أحيانا يصير حريرا،ووشاحا يغطي به فقره،وتارة يعطيه للمعزاة ،ييبس ويصير: (ڨوفريت )،هش سريع المضغ والهضم.

رغم ماقلت ،كنت سعيدا ،وأقتنع بما في يدي،ولا تسرق عيني صور وجمال الآخرين،كنت أعرف أن صورتي جميلة،وستبرز للوجود،لكنها فاكهة لم تنضج
بعد،سأنتظر ،والانتظار صديقي لا أفارقه.

الكاتب الجزائري عبدالعزيز عميمر.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بقلم الرائع أ/شوكت صفدي/////

"... نسيت وجعي، تعطر حزني بالحرية، نأيت عن أزمنة الشقاء، أزمنة الموت قهراً، وتوقفت معك لحظات الحلم، مبللين بأمطار تشرين ورعود تشرين ورياحه ووريقاته فوق قارعة الطريق القديمة، وعطره الخريفي.. وكانت جميعها تعزف موسيقا رقصتنا !.. جزء مني عاد إلى جسدي، وظل جزئي الآخر يرقص بين أطيافك.. سألتني أن نجعلها ألف عام قادمة.. وقلت، بل أريدها أن لا تنتهي خلود الزمن... لم تنقطع موسيقى الوجود لحظة، ولم ينقطع عزيف المطر والريح فوق النافذة، ونيران الموقد لم تخمد جواري... ومراهقتي التي هربت زمناً، ها هي تركض فوق الطرقات عائدة إلي، ترقص تحت المطر.. وشبابي المهاجر يستقبلني بشعر أشقر.. وطفلي الضائع في الغربة، يرجع من الفرار الى صدري، وإلى حضن وطن.. " يا عطر " . " عطر خريفي : من رواياتي "

بقلم الرائع أ/محمود عمر/////

«شرفة العمر الحزين» *********** عشت عمري كله شتاء وخريف وظللت أحلم كل يوم أن يأتي الربيع وطال بي الانتظار في شرفة العمر الحزين أتدثر بالأمل كلما اشتد بي الصقيع وكلما مر عام أنتظر البشارة تأتي في عام جديد يأتي فيه الربيع مرت الأعوام تباعاً عام خلف عام خلف عام والأيام تزداد قسوة والعمر شيء فظيع كم تمنيت أن يسرع الخطى ولكن الأمنيات عندي مستحيلة في زمن القساوة شنيع لم تشفع عنده طيبة القلب... ولا طيلة الصبر على الأحزان... ولا كثرة جروح الروح وآلام القلب وكأن الفرح علي منيع...!! حتى جاءني سهم الموت في وتين القلب من سند الحياة ممن ادخرته للأيام عوناً وليت الموت وقيع  لأذوق الموت مراراً  وطعم السكرات مرير...!!  أيا موتاً يأبى  يقربني  ألا لك من سبيل أسلكه...؟!  أو باباً أكون له قريع...؟!  لأترك دنيا نكرتني  فكرهت كل ما فيها  فكل ما فيها وضيع  فامدد يدك بكأس المنايا  فكم تجرعت أمر منه...!!  ولم أشتك يوماً  وكن معي خير صنيع...!!  محمود عمر

بقلم الرائع أ/عبد الرحمن القاضي/////

"غَزَليَّة" في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا نَدنوْ مِنْهُ ولا يأتيْنا نُهدِيْ عِطْرَ الحُبِّ إلَيْهِ ويُعَشِّمُنا ويُمَنّيْنا فَرْدٌ مِنْ عائِلَةِ الوَرْدِ يَنْضَحُ فُلّاً أو ياسَميْنا يَضْحَكُ إنْ قد كُنْتُ سَعيداً أو يَبْكِيَ إنْ صِرْتُ حَزيْنا ما في قَلبِيَ إلّا أنْتَ أمّا غَيْرُكَ لا يَعْنيْنا في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا... ! #عبدالرحمن_القاضي