قلت مخاطب نفسي وأنا لا أقوى على أن
أشعل شمعة أنهكها الظلام:
تراودنا الأحلام فتبتز الذاكرة اللعينة..
كلما هربت وأفلتت من قبضة اللامبالاة
تعيدها إلى سطوة الأمس فتسلبنا القدرة على التحكم بعواطفنا لتفصل
بين النفس وصاحبها وتستنسخ فينا
تمردنا لتجعله يخالف المعقول..وتمسح
بصمات تقاليدنا عن صحائف تقمصت
رغباتنا وترعرعت بين طيات صدورنا لتثور قبل أن تثور الشمس علي نسمات الصباح..
شابت بتجاويف مسامعنا أصداء تدور كجلاد بلا رحمة.. وتلقي
برؤوسنا فوق وسادة اللاوعي بتلك
اللحظات.. أشبعته ذاته مفارقات وطوى
رقاقة قلبه كطي سيجارة احتبست التبغ بين جنباتها ليتلذذ ألما في
شهوة الاحتراق اللعين.. كان أقرب ما
يكون لعازف أدمت أطراف أصابعه أوتار قيثارة تملكها الخوف من عزف السنين..
فنزف بمسام جوارحه القلق المغموس بالصخب...كان الغريب الذي وقف
على باب الأرق وحيدا بين سطرين .. متيم بين حرفين..
صريعا بين ظل وخيال.. متمردا سلبت
منه سحائب الأطياف.. يسافر بلا راحلة
إلى ماهو أبعد من ظلمة احتوت إبصار كفيف.. حتى كاد يحسبها الأمل الذي انتحر بأعماق الظلمة وأزيلت عن شطآنه حدود الجبال ليسقط في هاوية
المحال.. قال مخاطب نفسه: ليت كلماتي
تملكني. ليتها تمنعني من الانتحار على مقاصل الحروف .. ليتها تحاصرني
ببن قوسيها فواصل ونقاط عائمة على وجه الليل.. لأسبح كدرة ضياء عبر نوافذ الأيام لأعود إلى طفولتي ..محارب أنهكت جسده وخزات سهام السنين..
لأعانق الزمن القديم .. لأملأ كفي من نبع
البراءة وأحتسي قهوتي من بين شفاه
الفضيلة..أنسج من شعري لروابي الراحلين أضرحة من رثاء تخيطه المآقي
بالدموع.. تراوده الأحلام الصغيرة وهي
معلقة بين اليقظة والنوم ..أقراط تتزين
بها النجوم الهاربة من سحاب ثقيل..
تناظره كمشرد يتراءى
أمام عينيه مقاطع
مجزأة لطريق تفصل بين الفناء والخلود.. تسوقه الريح إلى خيام أشواقه لتمطر السماء نافذته لتغرق الصمت..
فيعود لفنجان قهوة الذي علا وجهه البؤس..وتشكل مذاقه بنكهة الفرار
من الذات..ليحتسي الأسى المحلي بالمرار.. الليل يبكي في خاصرته وجع
الملايين من البشر.. لكنه الوحيد الذي ابتلع البكاء.. صمته يسبق كلماته
بالحديث فيقول: أين أنت يا فراش الليل؟
أين سباتك وسط أنين فراشي..؟ لما تهجر
أمكنتي..؟ لتفرغ فزع
السكون حولي .. وترمي بشهب الآه لمجالستي.. أما آن لك أيها الليل أن
تستكين ؟إمض نحو ظلامك مرتحلا بهدوء.. لقد أشبعت جراحي وأدميت
شرفات تأملي.. وتركت خاطرتي تئن بجراحها خلف باب أودعت مفتاحه في ثغر الزمن البعيد فوسمتني بالنسيان فأنسيتني كيف المرء
ينام؟..سلبتني مفاتيح البوح والبستنى أثواب
المجهول..وتركت على باب سكينتي حارس الفزع يطرق جفني كلما حجتا
ينشدان إغفاءة تسكن بين طيات الرموش..
أوأشتاقت أهدابي إلي لقاء..
Mohamed Elattar
تعليقات
إرسال تعليق