التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بقلم الرائع أ/فوزي نجاجرة////


،🌺بالنيابة عن الأستاذ فوزي نجاجرة نشرت القصة اليوم لأسباب خاصة
في ظهيرة يوم ١٠_ تشرين أول_ ٢٠١١م ، جاء اتصال هاتفي من الصليب الأحمر الفلسطيني الى أم بشير ليخبرها أنه سيتم الافراج عن زوجها أبو بشير غدا في صفقة التبادل ( وفاء الأحرار ) ، انطلق لسانها بالزغاريد ، وانهمرت دموعها فرحا بهذا النبأ السار، اتصلت على كل أبنائها وكل أقاربائها، عانقت أم الوفا ، وتبادلن التهاني . غادرت ام بشير المقهى على وجه السرعة ، عائدة الى منزلها لعمل ترتيبات استقبال زوجها الأسير ، فقد مضى على أسره واحد وثلاثون عاما ونصف العام . منذ تم اسره ، كان عمر ابنته ميسون عشرة أعوام، وهي اليوم في الواحد وثلاثون عاما من عمرها، متزوجة وطبيبة لامعة تخصص أنف وحنجرة ، تعمل في اكثر من مشفى، أما سمية فهي دكتورة في الادب العربي ، رئيسة قسم اللغة العربية في الجامعة ، متزوجة لها اسرة رائعة ، بشير مهندس ناجح ، متزوج وأموره موفقة ، لم يبقى في الدار الا الزوجة الصالحة أم بشير لوحدها ، أمرأة حديدية ، ولا ألف أمرأة ، تعبت صبرت تحملت ، ربت أبنائها أحسن تربية ، علمتهم في أحسن الجامعات ، لم تنقطع يوما عن زيارة زوجها في أوقات الزيارات المسموح بها للأسرى في كل السجون التي تم تنقله اليها ، جميع أبنائها ناجحين موفقين ، لم تكل ولم تمل من العمل الجاد في بيع الخضار ، وفي المقهى الجامعي مع أم الوفا ، بالفعل انه مشوار كفاح لأمرأة فلسطينية ، كتب عليها القدر ان تعاني وتكابد من أجل الصمود على هذه الأرض، التي تستحق ان نضحي من أجل حمايتها والمحافظة عليها، خوفا من أن يبتلعها فم الغول الصهيوني .
في مساء اليوم التالي ، ١١_ تشرين الاول_ ٢٠١١ م ، عانق أبو بشير البطل الحرية وتنسم هوائها، وصل بيته في عرس وطني مهيب ، استقبله كل الوطن بالحنى والزغاريد ودموع الفرح والتهاني ، الكل تمنى على الله أن يفرج على كل الأسرى المتبقين في الأسر ، وان يزيل الأحتلال المجرم عن البلاد . تغيرت حياة أسرة أم بشير ، والتم شملهم ، وذاق لأول مرة أفراد هذه الأسرة طعم السعادة ، التي فارقتهم بعيدا لأكثر من ثلاثة عقود، اليوم عاد أبو بشير ومعه عادت السعادة ، الكل فرح وابتهج ، نحرت الخراف ، أعدت الموائد ، ووزعت الحلويات ، لأكثر من شهر كامل ، توافدت الوفود المهنئة من كل حدب وصوب ، احتضن الوطن ابنه الذي غاب من أجله قرابة عمر جيل بأكمله ، واليوم عاد بسلامة الله وحفظه مرفوع الهامة لم يكسره السجان ولا الأسر ، مثلا يحتذى به لكل الشرفاء والمناضلين المجاهدين في سبيل الله وتحرير الأرض والانسان ، شاركت أم الوفا عائلة أم بشير فرحتهم ، هنأتهم غنت، رقصت مع النساء ، ساعدت في تقديم الضيافة للمهنئين والمهنئات ، واظبت على فتح المقهى وعلى الدوام اليومي فيه ، من الساعة التاسعة صباحا حتى التاسعة مساء .
            *******
      بينما كانت الدكتورة جالسة في المقهى ، تلقت اتصال هاتفي من شخص ما، وبعد انهائها المكالمة، ضحكت كثيرا، قامت وتوجهت الى أم الوفا، صافحتها وعانقتها ثم قالت:
_ خالتي أم الوفا، علمت الأن أنا هناك مسابقة أدبية كبيرة، سيقيمها بنك الأسرة السعيدة ، بالشراكة مع الجامعة، بالتالي سأقدم روايتك الى المسابقة ، سيكون هناك جائزة كبيرة للرواية الفائزة بالدرجة الاولى، مقدارها عشرين ألف دولار، وجائزة الرواية الفائزة بالدرجة الثانية مقدارها عشرة ألاف دولار، اما جائزة الرواية التي ستفوز بالدرجة الثالثة، فمقدارها خمسة ألاف دولار .
_ بنتي حبيبتي ، أعملي ما بدى لك، فستجديني راضية ان شاء الله ، لكن مثل ما قال المثل ( اللي ما اله بخت لا يتعب ولا يشقى )، وأنا يا خالتي بختي معروف .
_ توكلي على الله يا خالة، لنجرب حظنا في هذه المسابقة ، لعل وعسى أن تنال روايتك تزكية لجنة الادباء الذين سيقيمون الأعمال الأدبية، اذا كان الأمر لي، فثقي أنني أزكيها على معظم الأعمال الأدبية، لأنني وجدت فيها فكرة مختلفة عن كل ما يكتب من روايات في بلدنا، فكرتها نوعية، تناقش موضوعا نفسيا مهما، يتعرض له الكثير من الناس ولا أحد يطرق هذا الباب، أغلب الروايات تركز على قصص العشق والغرام ، اما روايتك فهي تنبض بالحياة والاثارة، بعيدة عن الملل، لغتها عملية تصل الى القارئ بسهولة ، اتمنى أن يحالفنا الحظ يا خالتي.
_ أشكرك يا بنتي من كل قلبي، فأنا مدينة لك ولامك بكل شيئ ، لا اعرف ماذا أقول، فقط أقول الله يعطينا الخير. 
دكتورة سمية، بنتي، من زمان ما شوفت أقبال،  ما أخبارها، هل هي بخير ؟ طمنيني عنها .
_ الحمد لله، نعم هي بالف خير، أعتقد انها مشغولة هذه الأيام بمشروع تخرجها من الجامعة .
_ حدثتني نفسي أكثر من مرة، أن أذهب للبحث عنها في سكنها الجامعي، أو في الجامعة، لكني لا أعرف في الجامعة شيئ كذلك السكن ، حقيقي انا استفقدتها ومشتاقة لها.
_ سأترك لها خبرا في الكلية أن تحضر اليك قريبا ان شاء الله .
       لم يغب يومين على الطلب من الدكتورة سمية البحث عن اقبال، حتى جاءت البنت وعلى وجهها كل البشر والفرح ، تبتسم حاملة بيدها علبة بون بون شوكالاطة ، مدت يدها اليمنى تصافح يد ام الوفا ، واليد البسرى مدت الهدية :
_ كيف حالك يا أحسن خالة في الدنيا وأحسن كاتبة؟ 
علبة الشوكلاطة هذه تحلاية ، حلاوة نجاحي في مناقشة مشروع تخرجي، كم انا فرحانة وسعيدة للتخرج من الجامعة .
_ مبارك حبيبتي، كم تمنيت أن أحضر معك، لكنك نسيتيني بالكامل ، غير مهم حبيبتي، المهم أنك نجحتي ، الحمد لله رب العالمين على فضله ونعمه. حتى الأن مضى على غيابك عني أكثر من شهر ، افتقدتك، انزعجت كثيرا عليك، وتمنيت أن يكون المانع خيرا .
_ والله يا خالتي أم الوفا أنا مقصرة معك، لكن ما يشفع لي هو انشغالي الكبير والمستمر في التحضير والأبحاث والمراجعة ، فأعتذر منك بجد عن تقصيري معك يا خالة.
_ الله يحفظك ويوفقك بنتي، لا تشغلي بالك معي، المهم حبيتي انك نجحت ، في موضوع مهم يا اقبال ، أحب أن أخبرك عنه ، الدكتورة سمية ، الله يرضى عليك وعليها، قدمت كتابي لمسابقة أدبية كبيرة، وهذه المسابقة جوائزها كبيرة ومجزية، في بنك غير ذاكر أسمه متبني المسابقة، قولي لي يا اقبال: ما رأيك في هذا الموضوع ؟
_ ممتاز كثير يا خالتي، هذا امر رائع، ويا ريت تفوز روايتك، الحقيقة أنا ما قرأت كتابك، لكن الدكتورة سمية، معجبة فيه كثير، واكيد انه كتاب رائع كما قالت الدكتورة عنه في حفل الاشهار، أن شاء الله تفوزي في المسابقة ، لا تنسي تخبريني عن أي شيئ يتعلق بالأمر.
                                                         *******
      تقرأ ام الوفا خبرا في الصحف ، فيه دعوة لحضور حفلة توزيع الجوائز للمسابقة الأدبية التي تقدمت لها ، تقيمها الجامعة بالتعاون مع بنك الأسرة السعيدة وتحت رعايته بعد أسبوع، وما هي الا ساعة حتى حضرت الدكتورة سمية ومعها بطاقة دعوة خاصة بأم الوفا، تدعوها لحضور الاحتفال، الذي سيقام في احدى قاعات الجامعة، لاحقا جاءت اقبال معها صديقاتها، تحدثن في موضوع المسابقة ، تمنت أقبال لو انها تستطيع التأثير على أصحاب القرار لتزكية رواية أم الوفا، قالت الدكتورة سمية، أن البنك لا علاقة له بمراجعة الروايات وتقييمها، هناك لجنة من دكاترة الجامعة مختصون في الأدب العربي، هم من يقوموا باختيار الروايات الأفضل ، اما البنك فهو صاحب الفكرة، وهو من سيدفع لأصحاب الروايات الفائزة . لا تنسي يا أقبال حضور الحفل ، قالت اقبال:
_ الصحيح أنا كلي رغبة حضور الحفل ، ولكن يا دكتورة، هل هناك فرصة أن تنافس رواية أم الوفا ، الروايات الاخرى على الفوز، وخاصة أنت تعرفين الكتاب والادباء الذين تقدموا لهذه المسابقة  فالعديد منهم كتاب مرموقين، ولهم باع في الشعر والنثر، ولهم اصدارات كثير في الساحة  !!!
_ أنا معك يا اقبال ، انا لست متفائلة كثيرا لحظوظ ام الوفا ، ولكن لعل وعسى ان يلتفت النقاد الى أن هذه الرواية، تتطرق الى موضوع نوعي ومختلف كليا عما يكتب في ساحات الأدب ، والأهم أن هذا الكتاب يعتبر واقعي وحقيقي، وصاحبته كتبته بصدق عن ما حصل معها، من مواقف صعبة ومعقدة، عن خبرتها بمرض الكل يسمع به، ولكن القليل عاشه، فهذه تجربة حقيقية تلامس كل مريض تعرض لهذا المرض، فمضمون الكتاب أنساني بحت، بعيد عن الاوهام والخيال المفرط لدى الكثير من الكتاب ، لذلك نعم ، لو كان الأمر أمري لزكيت رواية ام الوفا لتأخذ على الاقل الجائزة الثالثة أو الثانية كحد أدنى .
_ معك كل الحق يا دكتورة، انت شجعتيني لحضور الحفل، لكني سأصاب بالاحباط اذا لم تفز رواية خالتي أم الوفا، لا تنسي دكتورة ، هناك امر مهم، ماذا لو لم تفز ام الوفا، هل سيترتب من ذلك انعكاسات على نفسية ام الوفا ام لا ؟ يجب أن تأخذي ذلك بعين الاعتبار .
_ نعم عفاك يا اقبال، هذه نقطة مهمة يجب ان نفكر بها ، ربما تتوتر خالتي ام الوفا، أو تنفعل كثيرا، وبالتالي سيعود المرض اليها ، وهذا ما لا نريده أبدا، يستحسن أن لا تحضر ام الوفا الاحتفال.
_ لا أعرف هذا يرجع لتقديرك انت يا دكتورة   بامكانك أن تتحري بطريقتك من اللجنة، فأنت تعريفينهم جميعا، على الاقل تستطيعي المعرفة المسبقة، أن روايتها لم تنجح ، اذا تأكد ذلك من أحدهم، حينها لا داعي ان تحضري ام الوفا للحفل.
_ وهذه لك يا صديقتي النبيهة اقبال، هذا ما ساحاول عمله بالضبط   وعلى وجه السرعة، اليوم قبل الغد .
_ لي رجاء عندك دكتورة، أذا استطعت معرفة الخبر اليقين، أرجوك أعلميني، لأنني أنا ايضا سأقرر ما علي فعله، الحضور ام التغيب.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بقلم الرائع أ/شوكت صفدي/////

"... نسيت وجعي، تعطر حزني بالحرية، نأيت عن أزمنة الشقاء، أزمنة الموت قهراً، وتوقفت معك لحظات الحلم، مبللين بأمطار تشرين ورعود تشرين ورياحه ووريقاته فوق قارعة الطريق القديمة، وعطره الخريفي.. وكانت جميعها تعزف موسيقا رقصتنا !.. جزء مني عاد إلى جسدي، وظل جزئي الآخر يرقص بين أطيافك.. سألتني أن نجعلها ألف عام قادمة.. وقلت، بل أريدها أن لا تنتهي خلود الزمن... لم تنقطع موسيقى الوجود لحظة، ولم ينقطع عزيف المطر والريح فوق النافذة، ونيران الموقد لم تخمد جواري... ومراهقتي التي هربت زمناً، ها هي تركض فوق الطرقات عائدة إلي، ترقص تحت المطر.. وشبابي المهاجر يستقبلني بشعر أشقر.. وطفلي الضائع في الغربة، يرجع من الفرار الى صدري، وإلى حضن وطن.. " يا عطر " . " عطر خريفي : من رواياتي "

بقلم الرائع أ/محمود عمر/////

«شرفة العمر الحزين» *********** عشت عمري كله شتاء وخريف وظللت أحلم كل يوم أن يأتي الربيع وطال بي الانتظار في شرفة العمر الحزين أتدثر بالأمل كلما اشتد بي الصقيع وكلما مر عام أنتظر البشارة تأتي في عام جديد يأتي فيه الربيع مرت الأعوام تباعاً عام خلف عام خلف عام والأيام تزداد قسوة والعمر شيء فظيع كم تمنيت أن يسرع الخطى ولكن الأمنيات عندي مستحيلة في زمن القساوة شنيع لم تشفع عنده طيبة القلب... ولا طيلة الصبر على الأحزان... ولا كثرة جروح الروح وآلام القلب وكأن الفرح علي منيع...!! حتى جاءني سهم الموت في وتين القلب من سند الحياة ممن ادخرته للأيام عوناً وليت الموت وقيع  لأذوق الموت مراراً  وطعم السكرات مرير...!!  أيا موتاً يأبى  يقربني  ألا لك من سبيل أسلكه...؟!  أو باباً أكون له قريع...؟!  لأترك دنيا نكرتني  فكرهت كل ما فيها  فكل ما فيها وضيع  فامدد يدك بكأس المنايا  فكم تجرعت أمر منه...!!  ولم أشتك يوماً  وكن معي خير صنيع...!!  محمود عمر

بقلم الرائع أ/عبد الرحمن القاضي/////

"غَزَليَّة" في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا نَدنوْ مِنْهُ ولا يأتيْنا نُهدِيْ عِطْرَ الحُبِّ إلَيْهِ ويُعَشِّمُنا ويُمَنّيْنا فَرْدٌ مِنْ عائِلَةِ الوَرْدِ يَنْضَحُ فُلّاً أو ياسَميْنا يَضْحَكُ إنْ قد كُنْتُ سَعيداً أو يَبْكِيَ إنْ صِرْتُ حَزيْنا ما في قَلبِيَ إلّا أنْتَ أمّا غَيْرُكَ لا يَعْنيْنا في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا... ! #عبدالرحمن_القاضي