أصدقائي متابعي أحداث رواية أمضي أم أعود ، اليكم الحلقة الأخيرة ، أتمنى أنكم استمتعتم بقرأة حلقاتها ، ونالت أعجابكم ، يسرني استقبال أرائكم الشخصية حول الرواية ككل، اذا رغب احد منكم بذلك دمتم بحفظ الله .
يوم الخميس حوالي الساعة الواحدة ظهرا، جاءت الدكتورة سمية ومعها أقبال على عجل، وطلبن من أم الوفا أن تجهز بسرعة بسبب ضيق الوقت فبعد ساعتين سيبدأ الاحتفال، على الفور ساعدنها في الحمام ، وارتداء أفضل ثيابها ، ثم توجهن الى قاعة الاحتفالات في الجامعة، كان هناك قد سبقهن ، أم بشير وأبي بشير والطبيب النفسي الذي أشرف على علاج أم الوفا ، استاذنت الدكتورة سمية منهم جميعا بسبب انشغالها بالتحضيرات وذهبت، ألقت أم الوفاة نظرة متفحصة في القاعة، وجدتها تغص بالكثير من الناس، معظمهم من الأدباء والكتاب، جلست بجانب اقبال وام بشير، بدأ جسمها يرتجف رهبة من الموقف، ، حاولت أم بشير تهدأتها والتخفيف من توترها قدر الامكان، الا انها كانت متلعثمة، تنظر في انحاء القاعة ، وتنظر حواليها في كل الاتجاهات ، الى الامام والخلف ، الى المنصة وتحضيرات عمال المسرح فهذا يجئ وذاك يروح ، جميع الناس في حركة دؤوبة، ونشاط وهمة كبيرين. كانت تبدو في غاية السرحان، وعدم التركيز.
حالة من الترقب تسود اجواء الحضور كلما اقتربت الساعة من الثالثة، ازداد تدفق الوفود من المدعويين الى القاعة، تزداد الرهبة داخل ام الوفا، ملامحها بدت أقل توترا من قبل ، أم بشير تتحدث مع أبو بشير واقبال ضاحكة، غير مصدقة أنهم الأن يستعدون لهذا الحفل الذي تشارك فيه أم الوفا صديقتها البسيطة ، منفعلة قليلا وهي تنظر الى أم الوفا، اقبال تشد على اليد اليمنى لخالتها الحاجة أم الوفا ، هي تقول بأنها ليست من الناس المحظوظين، فهي غير متفائلة بفوزها ، ثم تعيد وتكرر استغرابها من الدكتورة سمية التي ورطتها في مثل هذه المواضيع . تخبرهم الشابة أقبال بأن ابنتهم الدكتورة سمية ، ستتولى عرافة الحفل بصفتها رئيسة دائرة اللغة العربية في الجامعة، يستفسر أبو بشير عن تشكيلة اللجنة التي ستحضر.
لحظات واذ بثلة من الشخصيات رجال ونساء من أصحاب البدلات الرسمية والياقات يدخلون الى المنصة من باب جانبي ، يعم التصفيق الحضور، ابتهاجا ببدء مراسم الحفل، هدوء متوتر يسود الحاضرين ، الجميع ينظر الى المنصة، وعلى المنصة يتعازمون على الجلوس في الكراسي، هذا يقف ويبدل ذاك، رويدا رويدا تنتظم هيئة لجنة الشخصيات المهمة على المنصة. تقف الدكتورة سمية لترحب بالحفل الكريم ، تخص بالترحيب مدير بنك الاسرة السعيدة ورئيس الجامعة ، رئيس البلدية ، المحافظ ، رئيس اتحاد الكتاب الفلسطينين ، ثم تعرف على نفسها. يبدأ الحفل بالنشيد الوطني الكل يقف، الدكتورة سمية تتحدث للتعريف على أهمية الكتابة ودور الكتاب في نشر الوعي والثقافة، وحفظ الرواية الفلسطينية، وتأريخ الموروث الاجتماعي والانساني للشعب الفلسطيني . قالت:
نعم صحيح أن ليلنا طال، انما نهارنا قادم ، ستشرق شمسنا، وسيرحل الجراد عن أرضنا ، وستنطفئ نيران الوجع لهذا الزمان البائس، وسيحتفل الوطن ويفرح ، بميلاد الانسان الفلسطيني وانبعاثه من جديد . القدس تنتظرنا ، لكل بداية نهاية، ولكل نهاية بداية ، أن مع العسر يسرا، والفجر لا بد قريب، أليس الصبح بقريب ؟
ربما لا يستطيع الأنسان أن يكون شاعرا أو كاتبا، الا اذا صار وزن احزانه يعادل وزن جسمه ، عندما يعيش الانسان صراعا داخليا عنيفا مع فوضى متصاعدة من الأحاسيس والمشاعر، بهذا يكون الانسان كاتبا ، الان مع كلمة رئيس الجامعة فليتفضل:
_ السلام عليكم، انه يوم جميل ، أن نحتفل فيه بثلة من الأدباء المبدعين . كثيرون ماتوا لم يتركوا بصمة وجودهم ، فلا نعلم عنهم شيئا ، ان قصائد الشعراء، وروايات الأدباء، واختراعات العلماء ، والفلاسفة ، ولوحات الرسامين، هي بصمة خالدة لوجودهم .
قال الأديب المصري حافظ ابراهيم ، ما الكتب الا عقول الأجيال حفظت في الورق .
اسمحوا لي أن أحيي باسم الجامعة وباسم بنك الأسرة السعيدة وبأسمكم جميعا أعزائي ، الأدباء الذين شاركوا في المسابقة، والأدباء الذين فازوا ، متمنيا لكم أجمل امنيات الخير، والسلام عليكم .
تتحدث الدكتورة سمية عن الشعر عن الوطن عن العلم والعلماء والادباء ، قالت:
الحب والحزن معا ينجبان رواية أو شعرأ أو قصة. فلا بد للفرد أن يقدم ثمن كل شيئ يحصل عليه الا الحزن والقهر، فهما يقدمان له مجانا، الزمن يهديها له بسرعة البرق وبسخاء. ان أجمل وأصدق الأدب في منطقة قرب اللاوعي ،أو منطقة مجاورة له ، ليس كل من يكتب يستطيع أن يصل عقله الى تلك المنطقة، ولكن الأديبة أم الوفا قد وصلتها باقتدار(١) الكاتب المغربي عبد المجيد بوتقبوت
والأن فليتفضل السيد رئيس اتحاد الكتاب الفلسطسنين ، بالاعلان عن الرواية الأولى التي فازت بالجائزة الاولى ، ومقدارها عشرين ألف دولار.
حالة من الترقب والأحاديث الجانبية والتوتر تسيطر على الأجواء، يطلب من مدير بنك الأسرة السعيدة ورئيس الجامعة الوقوف لتسليم الجوائز للفائزين ، الكل ينتظر بشغف معرفة الرواية الاولى وصاحبها ، ثم ياتي الاعلان :
_ الرواية التي فازت بالجائزة الاولى هي رواية ( الرحلة المجهولة ) للاديبة والكاتبة الكبيرة السيدة زبيدة أم الوفا ، فلتتفضل على المنصة لاستلام الشيك من مدير بنك الأسرة السعيدة .
تصفيق حاد من الحضور، لم تنتبه أم الوفا لما قيل عن اسمها ، وكأن شيئا لم يعنيها، تقف اقبال وام بشير يحتضنها، يعانقنها ويقبلنها ، ثم تمسك كل واحدة منهن بيد ويتوجهن بها الى المنصة ، الكل ينظر بفضول كبير الى السيدة الفائزة بأكبر جائزة ، الكل يتحدث هرج مرج يسود القاعة ، في انتظار صعود الكاتبة التي فازت ، اخيرا وصلت المرأة الفائزة الى المنصة ، والحيرة والشك يطغيان على ملامح وجهها .
يتقدم نحوها السيد مدير بنك الأسرة السعيدة مبتسما، يمد يده ليصافحها يبارك لها ، ينظر الى وجهها ، يحدق بعينيه ، يبتعد قليلا ، تنمحي ابتسامته ، يقترب من وجهها أكثر، يفرك عينيه بكلتا يديه ، يحدق في وجهها بتركيز أكثر ، بأقل من رمشة عين ، يطوق الكاتبة أم الوفا بكلتا ذراعيه ويضمها الى صدره وهو يصرخ ،
يممممممممممممممممممممممممممممه..................................... .يمه يمه ...........يمه خديججججججججججة
اااااااااااااااااااااااااه يمه سامحنننننننننننننننننني يمه.......... يمه خديجه
يمه خديجة سامحيني من شان الله ...............
يهبط ويمسك بقدميها وينهال عليها قبل ، دموعه تغسل أرجلها ، بينما هي سقطت أرضا مغشيا عليها ، هجمت اقبال هي الاخرى تحتضن رأس جدتها في حضنها بكلتا يديها ، تبكي بكل معاني اللوعة والانفعال والدهشة ،
انت ستي .....انت ستي خديجة ، انت لست خالتي زبيدة ام الوفا....انت ستي أم وسيم ....حبيبتي يا ستي خديجة ، أنا صار بي ، كمن كان يدور على الذهب ، والذهب بين يديه.......
انت مش ستي ......انت مش ستي .....انت روحي.....انت روحي يا ستي
أم بشير تبكي والدكتورة سمية تبكي يحاولن فهم ما يدور وووووووووو.............
كانت القاعة تضم أكثر من ألف شخص ، الوجوم والصمت حاصر الجميع، يفرض عليهم منع التكلم، الجميع يستفسر فقط بعينيه، بقلبه، بكل جوارحه عن ما يجري ، الصمت هو السيد الذي يحكم القاعة والحضور في هذه اللحظات، الصمت أبلغ من أي كلام .
تمت بحمد الله
تعليقات
إرسال تعليق