حاصر جرحكَ
حاصر جرحكَ يا أيها العمرُ
فالموتُ واقعٌ بلقياكَ لا مفرُ
حاصر ماضيكَ إن استعطتْ
و إنسَ نعشكَ المهزوم الطهرُ
ففي موتكَ راحةٌ يطيبُ بها
المنايا فإجعل روحكَ دارَ سفرُ
صارع صدى الريح بأحزانكَ في
الرحيلِ فلإستسلامُ نارٌ و جمرُ
إرحل بغبار الريح بمدى الغيم
واترك ذكراكَ جريحاً في الصبرُ
و احلم في درب الموت بإنكَ
حراً و طليق بحلمكَ كالصقرُ
حطم وجه الغيوم بجناحيكَ
ففي الرحيلِ فرحٌ لا قهرُ
اقطع بجرحكَ جسور الأحزانِ
ولملم بقايا جسدكَ أمام الدهرُ
سافر بظلكَ المدفون في الريح
كن غيماً بوجه السماء و مطرُ
انثر ثوب منفاكَ للردى المهدوم
عسيرٌ هي اللحظاتُ بدمعُ البصرُ
فإن جرحكَ قد طالَ به الألمُ
و قد سالت الدماءُ منهُ كالنهرُ
فكم من لئيم ٍ سطوا بجرحكَ
مخالبهُ وغدا يجولُ بيومكَ العسرُ
الكدرُ قد أصابني لوعتهُ و أتعبني
ذاك اليوم الذي ذبحني به القدرُ
إن في بقائكَ فرحٌ للشياطينِ
و برحيلكَ جرحٌ للقلوب الحجرُ
فإكتب وصيتكَ الأخيرة للشبحِ
تنازل له عن لعنة حياتك المرُ
لا الدهرُ قد رحمكَ من ذل الألمِ
ولا السماءُ رأت المعاناتَ و الكفرُ
فأي عدلٍ قد مشىت به الدروبُ
و أي حياةٍ إذا غابَ فيها الفجرُ
فحاصر نفسكَ يا أيها الغر يب
فالحياة كلها ناراً و عذاب و قبرُ
و مازال الجرحُ يغلي ألماً و حزناً
أي بقاء يجدي بمر الليالي و البشرُ
لعنة اللهِ من حملني لذاك الدرب
وطعنَ ذاكرتي و زرع بقبري خنجرُ
إن الملاماتُ تكسرني بكثرتها و
تغتالني كسقوط الأوراق الشجرُ
تلينُ القلوبُ بدرب السفرِ و تبكي
فالبكاءُ على الموتى حزنٌ مقتصرُ
أما كانَ لي من اللهِ عوناً بموتي
فكيفَ أرتاحُ بموتي و الكفنُ كصخرُ
يقطعني حدها جرحاً بخاصرتي
فأشربُ ألم الجرحِ والروحُ تتحضرُ
الأقدارُ تسطو سنيني و تضجرني
وتمضي بمر أيامي للبعيد و تهدرُ
حاصر نفسكَ في منفاكَ يا أيها
المنسي فالعمرُ كلهُ باتَ قهرٌ وضجرُ
٢٠٢١/٥/٩ ........... حلب سوريا
مصطفى محمد كبار
تعليقات
إرسال تعليق