التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بقلم الشاعر أ/بدري قرقار/////


****** الأ م ... غرفة العناية الإلهية المركزة ****
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ربما لا تستطــيع الحـــروف أن تـجــد مــرادفــًا مــعــجـمـيــًا أو حــتــى اصـطـلاحــيــًا فــى حـجـم مــفــردة كالأم , لأن الأم مـفــردة عــصــيــّة عــلى الـتـمـاثل والـترادف والـتـشـابه مــع أى مـفــردة أخـــرى , لــمـا تـحــويه فــــى دلالاتـهـا اللــغــويــة مــن ثـراء شـعـــورى ومـعــنـوى طـــاغ ٍ.....

فالأم مـعـجـم كامــل مــن الـمـفـردات الـرفـيـعـة . والفــارهــة ... فــى الإيحــاء والدلالة .. إذ هـــى أصــل .... وأســاس ....ومـنـبـع..... ومـبـتـدأ الأخـــلاق كلهـا . فـهــى مـبــتـدأ الـعـطـف والحــنان ... وأســاس الـتـضـحـية والحـــنو ... ومـنـبـع الإيثار والفــداء .

والأم هــى قــاعــدة بناء الأســـر ... ومـكـون أســاس ومــؤثــر فــى تربية وتـنـشـئة أجـيال الأمــة ... سـلفــًا وخـلفــًا ....

بل هــى جـزء فــاعـل.... وطـرف أصيـل مــن أطـراف معـادلة البناء السـلـوكى ... والأخـلاقــى فــى كل المجتمعات .... إذ أنـها الشريـك الأوفــر حــظــًا فــى احتـلال مراتب الكرامــة والتـكــريـم ... عــلى جـمـيع المسـتـويــات .... لـمـا لـهـا مـن دور ـــ أقــل ما يـوصــف به ـــ أنه دور محــورى فــى تشكـيـل وطــباعــة الـقــيم والأخــلاق والسلوكيات على كوكبنا الأرضى

الأم ... هــى غـرفــة العــنايــة الإلــهــية المركــزة ... التــى تحـتـضـن كل آلامــنا ... وتـأوهـــاتــنا فـــى الحــيــاة بـصـــدق ..... وتعــزف سـيـمـفـونـية المــواســاة بـغـير مـجــامـلة .... وتــبـذل كل إمـكانــاتها فى الجــود بــوقـتــها ... وسعادتها .... وصـحـتـها فــى خــدمــة أبنائها .. وبــدون مـقــابل

الأم هــى نـقـطة الارتـكــاز المـُـثــلــى .... وخــزانـة المشاعــر الفـضــلى الــتــى نـلـتـجئ طـوعــًا .. أو قــسـرًا ... إلــى أن ننهـل من فيضها وزخـرهـا ..... دون أية اعـتـبارات أو حـسـابات ... كـمـثـل تلك الحسابات التى نـتــوخــاهــا إزاء ركـض أحاسيسنا ومشاعـرنا باتـجـاه الاحـتـيـاج للحب والعـــطــف والحنان والصــدق ... فـمـن يـعـطـيـك دونها .... من خــزانـة مـشاعــره مـثـقــالا ً .... لا يـجــد حــرجــًا فى أن يطلب من خزانة جـيـبـك مـكـيـالا ً ...

الأم هــى الـثـروة الـشعــورية الــزاخــرة .... الـتى تــُحسـن من رصــيــد الأمــن الـقــومى الشعــورى بكل منزل ..... وتـغــذى روافــد الاحتياطات اللازمــة من الحب ... والدفء ... والعطف بها ... مما يجـعــل أرصــدة المــشــاعــر الـفارهــة فى الحدود الآمنة التى تـكـفــل للأســر الغـبــطـة... و السعـادة.... والسرور

الأم هــى المـديــر الاخـتـصـاصـى الــذى يــنــظــم حــركــة وشـئــون أفــراد الخـلـيــة المــنــزلــيـة ... بـمـا يضــمن كفاءة واستمرار عطاء كل أفرادها عــلى الـوجه الأمــثــل .... بـمـا حباها الله تـعــالى مــن قـدرات وإمكانات اسـتـثـنـائـيـة وفـطـريــة ... فــى الـتـوجــيـه والإدارة لكافــة شـئـون مـمـلـكـتـها

وبالتالى كان واجبــًا على الأبناء أن يحـفـظـوا ويــعــوا كل تلك المـواقــف والتضحـيات فى دفــتـر مشــاعــرهــم . حـتى يـنـعـكـس ذلك عـلى أفـعـالـهـم وسـلـوكـيـاتـهـم تـجـاه أمـهـاتـهـم .. مـع الـعـلم بأن مــن يـؤســر الـنـجـوم والكـواكـب والأقـــمار ويـنـظـمـهـا فــى عـقــد .. مـعـتـقــدًا أنـه سـيـكـافــأهــا فـقـد أخـطأ اجـتـهــاده .

إذ ذاك لــن يكــون فــى مـيـزان المكافــأة إلا فـــداء طـلــقـة واحـــدة مـــن طلـقـات آلام الــوضـع والـولادة مــن نــاحــية ... ومــن ناحــية أخــرى لـن يـكــون ذلك إلا مــا يـشـبـه قـطـرة الـمــاء ... التى ظــنت أنـهــا شــئ فــى بـحــر خــضــم...... أمــواجه الصـفــح .. وســواحله الدفء .. وزخا ئـره الود والحب ....

وآخــر مــا أتـحــف بــه مـشــاعــر الـقــراء
هــذه الأبـيــات الــرائــعــة الــتـى قــرأتـهــا بـصـحـيـفـة الأهــرام مـنــذ أكـثــر مـــن عــشـريــن عــامـًا...... والــتــى تــجـســد أســوأ ســيــرة عــاق ٍ لأمــه ... وتــجــســد أروع ملاحــم العــفــو والصــفــح عــلــى كــوكــبــنــا الأرضــى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أغــرى امـــرؤ يـــومــًـا غــلامـًـا جــاهــلا ً
بـنـقــــوده كــيــمـا يـنــال بـــه الــوطـــــرْ 
قـــال ائـتــنــي بـفـــــؤاد أمــك يـا فــــتـى
ولك  الــدراهــــم والجـــواهـــر والـــدرر 
فـمــضــى وأغــمـد خـنـجرا فـي صدرهــا
والقـلـبَ أخـرجــه وعــــاد عــــلى الأثـــرْ 
لـكـنــه مــن فـــــرط  سـرعــــتـه هــــوى
فـتدحـرج الـقـلـب الـرقـيـق على الحجـرْ 
نـاداه  قـلـب الأم  ــ هــا  ــ فـــى رقـــــة ٍ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بقلم الرائع أ/شوكت صفدي/////

"... نسيت وجعي، تعطر حزني بالحرية، نأيت عن أزمنة الشقاء، أزمنة الموت قهراً، وتوقفت معك لحظات الحلم، مبللين بأمطار تشرين ورعود تشرين ورياحه ووريقاته فوق قارعة الطريق القديمة، وعطره الخريفي.. وكانت جميعها تعزف موسيقا رقصتنا !.. جزء مني عاد إلى جسدي، وظل جزئي الآخر يرقص بين أطيافك.. سألتني أن نجعلها ألف عام قادمة.. وقلت، بل أريدها أن لا تنتهي خلود الزمن... لم تنقطع موسيقى الوجود لحظة، ولم ينقطع عزيف المطر والريح فوق النافذة، ونيران الموقد لم تخمد جواري... ومراهقتي التي هربت زمناً، ها هي تركض فوق الطرقات عائدة إلي، ترقص تحت المطر.. وشبابي المهاجر يستقبلني بشعر أشقر.. وطفلي الضائع في الغربة، يرجع من الفرار الى صدري، وإلى حضن وطن.. " يا عطر " . " عطر خريفي : من رواياتي "

بقلم الرائع أ/محمود عمر/////

«شرفة العمر الحزين» *********** عشت عمري كله شتاء وخريف وظللت أحلم كل يوم أن يأتي الربيع وطال بي الانتظار في شرفة العمر الحزين أتدثر بالأمل كلما اشتد بي الصقيع وكلما مر عام أنتظر البشارة تأتي في عام جديد يأتي فيه الربيع مرت الأعوام تباعاً عام خلف عام خلف عام والأيام تزداد قسوة والعمر شيء فظيع كم تمنيت أن يسرع الخطى ولكن الأمنيات عندي مستحيلة في زمن القساوة شنيع لم تشفع عنده طيبة القلب... ولا طيلة الصبر على الأحزان... ولا كثرة جروح الروح وآلام القلب وكأن الفرح علي منيع...!! حتى جاءني سهم الموت في وتين القلب من سند الحياة ممن ادخرته للأيام عوناً وليت الموت وقيع  لأذوق الموت مراراً  وطعم السكرات مرير...!!  أيا موتاً يأبى  يقربني  ألا لك من سبيل أسلكه...؟!  أو باباً أكون له قريع...؟!  لأترك دنيا نكرتني  فكرهت كل ما فيها  فكل ما فيها وضيع  فامدد يدك بكأس المنايا  فكم تجرعت أمر منه...!!  ولم أشتك يوماً  وكن معي خير صنيع...!!  محمود عمر

بقلم الرائع أ/عبد الرحمن القاضي/////

"غَزَليَّة" في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا نَدنوْ مِنْهُ ولا يأتيْنا نُهدِيْ عِطْرَ الحُبِّ إلَيْهِ ويُعَشِّمُنا ويُمَنّيْنا فَرْدٌ مِنْ عائِلَةِ الوَرْدِ يَنْضَحُ فُلّاً أو ياسَميْنا يَضْحَكُ إنْ قد كُنْتُ سَعيداً أو يَبْكِيَ إنْ صِرْتُ حَزيْنا ما في قَلبِيَ إلّا أنْتَ أمّا غَيْرُكَ لا يَعْنيْنا في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا... ! #عبدالرحمن_القاضي