اختلاج الحلم
انتهى العرض وأسدلت الستارة ، خلت المقاعد من المتفرجين إلا من رجل ظل جالسا في ركنه ينتظر النهاية ، أو ربما يبحث عن البداية أصلا . لقد التبس الأمر عليه ! أيهما يأتي أولا ؟ فهو يرى أن البداية تكون مع نهاية العرض ، فتساءل :
هل عادت الحمى وعاد معها الهذيان حاملا كل غريب لا منطقي ؟ فقد وجد نفسه جالسا مع متناقضات ، ربما ليس لها أن تجتمع سوية لا في الزمان ولا في المكان .
فجلجامش يرفع نخب نفرتيتي مع ٱخيل الحزين على مصرع أخيه أثناء المبارزة ، وعلى سهول أوغاريت يقف حصان طروادة مزهوا بنصر مخادع ، وأعلام الردة ترفرف على قمته .
أليس تركت بلاد العجائب وها هي تتبضع ملابسها من شوارع باريس ومتاجرها الفخمة ، حيث برج إيفل ينتصب وسط الصحراء ، مقابل جزيرة النخلة الصناعية .
لورانس العرب يعانق قباني في مبارزة العشق لهوازن .
الزير سالم يصافح جساس ، والبسوس ترعى بعشب كليب المقتول بسهم غادر .
تلك الحمى اللعينة أدمنتها خلايا جسده الذي ربما ترهل ، اضمحل ، تمدد ، تمزق وتبعثر شظايا .
الصمت عارم ، وجميع المقاعد فارغة ........ فجأة ، على ضوء الشموع وقبل عودة التيار الكهربائي ، يعلن المذيع عبر أثير نشرة الأخبار من دمشق ، عن خبر مذهل مفرح هللت معه ، يقول الخبر :
هنا القاهرة ، ستكون صلاة يوم الجمعة القادم ان شاء الله ، في المسجد الأقصى المبارك في مدينة القدس الشريف لكل من شاء ذلك من أبناء الأمة . وستقرع بالمزامنة الأجراس من كنيسة القيامة ابتهاجا واحتفالاً بذلك .
خيوط الفجر تعلن عودة الأمن والأمان ، حيث الأمور عادت إلى واقعها مكانا و زمانا ، بعد محاولات عديدة وحثيثة إستطاع الأطباء من خلالها إعادة النبض والتنفس للوضع الطبيعي دون أجهزة إنعاش ، حتى الحمى هربت باحثة عن ضحية أخرى في.........
الكاتب مازن سعيد العلي
تعليقات
إرسال تعليق