أمسك الجلاد سوطه وٱنهال على الضحية ضربا وشتما لم يكن يعلم أي ذنب اقترفه المسجون فكلمة سجين كافية لتمنحه كل مبررات الجلد والشتم والتعذيب. في السجن يستوي المجرم والضحية المذنب والمظلوم هذا اللقب سجين يبيح للجميع أن يرموك بأبشع النعوت. وأن يسحبوا عنك رداء الانسانية ويمارسوا عليك كل أبجديات العنصرية والاستبداد والطبقية.
نعم نحن شعوب تكتفي بالظاهر لا تلج الى بواطن الامور تعلمنا أن نحكم على المتهم قبل أن تثبت إدانته وحتى إن ثبتت براءته سيظل مذنبا في نظر الجميع لأننا مولعون بتقمص أدوار الفضيلة ونحن الشرفاء والاخرون لهم من العهر والفساد ما يبيح لنا أن ندوس على كرامتهم ونتفنن في إيذائهم. فقط لأننا نرى أنفسنا الافضل والاسمى والارقى.
نحن تعلمنا أن نوجع الموجوع وندوس على من أسقطته الايام ونحتفي ونرقص على صراخات ضحايانا فقط لأننا نمتلك صكّ الافضلية.
وصكوك الافضلية هي ألقاب اجتماعية تجعل المجرم الذي يقف خلف القضبان شريفا. والبريء الذي يقبع داخل السجن مجرما.
يجعل العاهرة في القاعات الفخمة سيدة ترفع لها القبعات والمشردة في الشوارع تشتم وينتهك عرضها وتداس
نحن.... بئس ما نحن عليه! فكم قتلنا وكم جلدنا وكم قهرنا وكم ظلمنا فقط لاننا نحن اصحاب الصكوك والبقية الى الجحيم فلا مشاعر لهم لانهم من درجة ثانية لا يرتقون إلينا...
فجأة توقف الجلاد عن الضرب ترى ما الذي جعله يتوقف فجأة؟ لقد تناءى إلى سمعه صوت ضحيته ضعيفا متقطعا من بين أنّاته وصرخاته يقول حسبي الله ونعم الوكيل فيمن ظلمني. لقد أربكته هاته الجملة وأحس بأن فوق قوته توجد قوة أعظم يلجأ إليها الضعيف والمقهور والمظلوم والموجوع. جثا على قدمية طالبا العفو ممن أوغل في إيذائه. هو يطلب الصفح ممن تفنن في إيلامه. ظلّ الجلاد يطلب الصفح وظل السجين يتأوّه ويحاول أن يلملم جراحه فما أكثر ما أوجعته سياط الجلادين وقسوتهم....
#جميلة #
تعليقات
إرسال تعليق