إجتياح
تأملها بانتشاء..
لم يكن غريبا أن يتأملها بانتشاء، شيء ما يشده إلى هذه المرأة الغامضة.. شيء غير أنوثتها الطافحة، شيء يختفي في نظرتها التي يستوطنها ألم دفين، وتسكنها خيبة أمل.. تحدثا قليلا كان يهمها أن ينتبه لأنوثتها لكن أذهلها أن يتوغل عميقا في غموضها، أن يتجاوز خرائط جسدها إلى الأخاديد العميقة التي حفرها الزمن بداخلها..
تساءلت - وهي تنتبه لتأمله الحائر- بينها وبين قلبها، بينها وبين عقلها، بينها وبين ذاكرتها، أيعقل أن أكون شفافة هكذا، عارية لاشيء يستر جراحي؟ كيف لم تخفي عنه بسمتي - التي يقال أنها ساحرة- ما أخفيه من الوجع؟ ..
بين الكلمات والجمل الروتينية التي تبادلاها كان ينقل إحساسه بكل ما تعانيه، وإدراكه لكل ما تخفيه أو تحاول أن تخفيه، وكانت لا تستطيع أن تكتم تعلقها السريع بهذا الغريب الذي نفذ إلى داخلها دون أن يستوقفه البناء الجسدي الجذاب..
بعد حديث متشعب تغطي به ذهولها من سرعة اجتياحه لدواخلها، ويستر به اكتشافه لأوجاعها رن هاتفه، تأمله بنظرة وخاطبها: "أصبحت مضطرا للذهاب أتساءل إن كان في الإمكان أن أراك ثانية؟"
هزت رأسها موافقة وتمتمت بينها وبين نفسها:
"أتساءل إن كان في الإمكان أن لا تفارقني ثانية؟!"
محمد أكزناي
تعليقات
إرسال تعليق