التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بقلم الرائعة أ/نجوى خميس الصويعي/////


لقاء عقيم...

الجو بارد والسماء داكنة جعلت اليوم يبدو كئيبا في انتظار أمطار غزيرة قد تذهب بالأخضر واليابس بعد جفاف تشققت منه الأرض.
جذبت الكرسي لتجلس وقد ارتعدت فرائصها من شدة البرد رغم ثيابها الثقيلة ومعطفها الكاشمير الطويل، جالت بعينيها باحثة عن النادل حتى ينقذها بقهوة ساخنة تشعرها بالدفء، لم يتأخر وكأنه شعر بارتجافها أو بالأحرى لاحظ لون الشفاه المائل الى الأزرق رغم أنها حاولت إخفاء تجمد الدم فيهما بلون أحمر قاتم، أتاها مسرعا بطلبها فاحتضنت فنجانها بيديها الجميلتين لتبعث الدفء فيهما وكانت بين الحين والآخر ترتشف القليل منها متلذذة بحرارتها، وأخيرا شعرت بالدفء ففكت القليل من أزرار معطفها ثم نظرت إلى الساعة التي بيدها وهي تقول في نفسها كم هي قاسية تلك الوحدة التي تجعل الوقت يمر ثقيلا،إنها تهرب كل مساء إلى هذا المقهى حتى تنسى وحدتها قليلا وتختلط بأُناس لا تعرفهم وليس لهم بها صلة لكنها تستأنس بوجودهم حولها وهي تراقب كل طاولة وكل ثنائي ولكل مجلس حكاية مختلفة.
مدت يدها لمحفظتها وأخرجت رواية لتواصل قراءتها، حبها للقراءة يجعلها تنسى وحدتها وتغذي فكرها والأكثر أنها تتعب عينيها حتى إذا ماعادت لعالمها الصغير تنام بسرعة،فجأة تسلل إلى سمعها صوتا من ورائها بنبرة تدل على ثقة صاحبه بنفسه وقال: كما أنت لم تتغيري وكأن كل هذه السنوات توقفت خشية أن تترك أثرا عليك فيذبل جمالك بل وكأنها بذلت ما بوسعها لتجعلك أجمل وتزيد من نقاء بشرتك، شعرت للحظة بدوران الأرض تحت قدميها وارتجف قلبها هذه المرة ليس من البرد بل من هول الصدمة، إنه صوته بعد فراق ربع قرن، نعم هو نفس الصوت ونفس النبرة ونفس الكلام الجميل التفتت بسرعة لتتأكد بأنها ليست واهمة ،يا الله إنه هو بقامته الطويلة ومنكبيه العريضين وعينيه الخضراء بنفس اللمعان ونفس البريق بل نفس النظرات وكأنه لم يغب لحظة واحدة، لم تتمالك نفسها انتفضت واقفة أمامه مباشرة أغمضت عينيها ومدت يديها تلامس خده، يا إلهي إنه هو، فجأة رن الهاتف فتحت عينيها لتجد نفسها ممددة بفراشها وهاتفها يعلن ساعة استيقاظها، ارتعبت وجالت ببصرها في أنحاء الغرفة غير مصدقة بأن ما عاشته كان حلما واستفاقت منه عائدة لوحدتها والوسادة الخالية التي ترافق لياليها.
انتهى...
بقلمي نجوى خميس

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بقلم الرائع أ/شوكت صفدي/////

"... نسيت وجعي، تعطر حزني بالحرية، نأيت عن أزمنة الشقاء، أزمنة الموت قهراً، وتوقفت معك لحظات الحلم، مبللين بأمطار تشرين ورعود تشرين ورياحه ووريقاته فوق قارعة الطريق القديمة، وعطره الخريفي.. وكانت جميعها تعزف موسيقا رقصتنا !.. جزء مني عاد إلى جسدي، وظل جزئي الآخر يرقص بين أطيافك.. سألتني أن نجعلها ألف عام قادمة.. وقلت، بل أريدها أن لا تنتهي خلود الزمن... لم تنقطع موسيقى الوجود لحظة، ولم ينقطع عزيف المطر والريح فوق النافذة، ونيران الموقد لم تخمد جواري... ومراهقتي التي هربت زمناً، ها هي تركض فوق الطرقات عائدة إلي، ترقص تحت المطر.. وشبابي المهاجر يستقبلني بشعر أشقر.. وطفلي الضائع في الغربة، يرجع من الفرار الى صدري، وإلى حضن وطن.. " يا عطر " . " عطر خريفي : من رواياتي "

بقلم الرائع أ/محمود عمر/////

«شرفة العمر الحزين» *********** عشت عمري كله شتاء وخريف وظللت أحلم كل يوم أن يأتي الربيع وطال بي الانتظار في شرفة العمر الحزين أتدثر بالأمل كلما اشتد بي الصقيع وكلما مر عام أنتظر البشارة تأتي في عام جديد يأتي فيه الربيع مرت الأعوام تباعاً عام خلف عام خلف عام والأيام تزداد قسوة والعمر شيء فظيع كم تمنيت أن يسرع الخطى ولكن الأمنيات عندي مستحيلة في زمن القساوة شنيع لم تشفع عنده طيبة القلب... ولا طيلة الصبر على الأحزان... ولا كثرة جروح الروح وآلام القلب وكأن الفرح علي منيع...!! حتى جاءني سهم الموت في وتين القلب من سند الحياة ممن ادخرته للأيام عوناً وليت الموت وقيع  لأذوق الموت مراراً  وطعم السكرات مرير...!!  أيا موتاً يأبى  يقربني  ألا لك من سبيل أسلكه...؟!  أو باباً أكون له قريع...؟!  لأترك دنيا نكرتني  فكرهت كل ما فيها  فكل ما فيها وضيع  فامدد يدك بكأس المنايا  فكم تجرعت أمر منه...!!  ولم أشتك يوماً  وكن معي خير صنيع...!!  محمود عمر

بقلم الرائع أ/عبد الرحمن القاضي/////

"غَزَليَّة" في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا نَدنوْ مِنْهُ ولا يأتيْنا نُهدِيْ عِطْرَ الحُبِّ إلَيْهِ ويُعَشِّمُنا ويُمَنّيْنا فَرْدٌ مِنْ عائِلَةِ الوَرْدِ يَنْضَحُ فُلّاً أو ياسَميْنا يَضْحَكُ إنْ قد كُنْتُ سَعيداً أو يَبْكِيَ إنْ صِرْتُ حَزيْنا ما في قَلبِيَ إلّا أنْتَ أمّا غَيْرُكَ لا يَعْنيْنا في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا... ! #عبدالرحمن_القاضي