قاع المُحَاباة والإباحيّة
في الأيام الأولى ونحن نتحسس الطريق إلى قلبي بعضنا البعض
أوصتني بشدة أن يربط أي صمت بيننا
أغنية
كانت الأغاني بذرة أحاديثنا الكثيرة
دون أن أحتاج لها في أي يأس
كبرت أيامنا بالأغاني لا بالمضي
وبالتوازي اتسعت قلوبنا دهشة وموسيقى
تشرق صباحاتنا مع أول لحن وتنام ليالينا بعد انتهاء آخر مقطوعة
وفي غيابها لم أعد أصنف الأغاني كحلول لمقاومة الغياب
فقدت الأغنيات دورها في الترميم
قد تصبح الأغاني غير مدهشة عندما يذوب سياق الانتظار
تشبه الأحاديث المؤجلة تمر بنا أو بالأحرى بي دون انتباه
لم يكن الفقد ملفتاً في البدايات لكنه كبر وأصبح ثقيلاً بالتقادم
لم تعد الأغاني حل العودة وطال الصمت بعدما أضعت الفكرة ولا زلت أبحث عن الأغنية والطريقة
قد نتلاشى ونحن نبحث عن الحقيقة
والحقيقة في مكان آخر
ما بين السماء والأرض
وتر وأغنية
وكل منا يعزف حسب معتقداته
على صدري... كانت البداية
قرأت لها مرة شيئاً من ديوان درويش
احتسينا القبلات تحت نشوة شديدة
أخذتنا إلى قاع المحاباة والإباحية
ومن بعدها من أين لي بالنسيان..
لا أعلم إن كانت متعة حقاً أن تبقى مجهولاً
ولم أدرك حتى اللحظة ماهية الغياب القسري الذي نتخذه قراراً لا قدراً في كل مرة واجهتنا الحياة بمنطقها المعاكس
في كل مرة أوشكت فيها على السقوط
كنت أتعافى بالكتابة
وكلما تعافيت وقع قلبي أسير الحب مجدداً
وعدت للتو يتيماً مشرداً
كأنما الحب وطن ومنفى في آن واحد
لم تكن مشنقة الحب يوماً سوى الاهمال
والإهتمام المزيف
ذاك الشعور القاتل
في كل مرة كان حبنا للآخر صادقاً ومجنوناً
الحب أعمى لا أعتقد
الحب مبصر
هو خلاصة الحياة
هو الوعي... وهو البدايات التي لطالما تمنينا أن لا تعرف النهايات لها درباً
كان الأذى الأكبر لقلبي بأنني امتلك حساسية مفرطة
آلاحظ العيون
ونبرة الصوت ورجفته وقوته وضعفه
والأكثر وجعاً من كل هذا كان احساسي يصيب دائماً
لطالما تمنيت أن نعود أنا وإنت إلى ما قبل اللقاء
أن لا يحدث ما حدث بينا وبقينا كالغرباء ولم نلتق
لم يكن خوفي لبرهة أن تغادرني
لأنني اعتدت
كان خوفي أشد رهبة بأن كل ما عشناه لم يكن حباً
وأن يصبح مع الأيام مجرد تجربة وانتهت
وأن قلبي لم يلامس قلبك ولم تخشى خسارته يوماً
يراودني سؤال غسان كنفاني حينما سأل
ما الذي يدفع إنساناً ما لتمزيق إنساناً آخر يحبه ب هذه القوة
الإجابة معقدة
ليس هناك جواباً منطقياً يبرر هذا
أيعقل أن يهان الإنسان على قدر حنينه
قلبي يؤلمني
أو أؤلمه
أو يؤلمنا شيءٌ آخر معاً
كنت أخشى مراراً أن أعود لأرمم هذا القلب وحدي
أ يعقل أن يصان الود المتبقي بقطع الوصال
أحقا بعض الوصال أذى
أنا الذي لم يعرف معنى آخر للحب سوى أن نكون سوياً
متعبين
مهزومين
صامتين
لكننا سوياً
أذكر أن قهوتي الأخيرة معك كانت مرة...بل علقماً
لدرجة أن طعمها لم يغادرني
كنت أتذوق مع كل رشفة.. رجفة
حتى أدركت أن ما جمعنا انتهى
ذات خيبة
أخبرتك الحياة متعبة جداً
نامي بجواري الليلة ولو وهماً
دعينا نحترق معاً
نبكي
نضحك
نمارس الحب
لكن لا نفترق
فكل اللحظات تعيش في ذاكرتي
وقلبي حتى بعد انتهاءها
أخبرتك بعد قبلة
الحب الأول
أحاسيس متهورة ينقصها النضج
لكنني أدركت متأخراً
الحب الأول
كما الحب الأخير
الحب هو الحب
ليس عدلاً يا الله
أن تنتهي فاجعة الفقد هكذا
ثم تحتلني الذكريات إلى الأبد
لقد كنت كريماً حتى في غيابك
جاهدت كثيراً لأجلك
كنت اخلق الصدف
أعيش تفاصيل حزنك وفرحك
ربما في النهاية
أردت أن أكون لك غصة أبدية
لتفتقديني بعد ما سأرحل الرحيل الأخير
يتكرر عليكِ كثر من الناس
ستبحثين عني في وجوه الغرباء
في الشوارع
على مقاعد الانتظار... ولن تجديني
ومع هذا سأعتذر لك من عميق قلبي
من نزيف أضلعي
من بحة صوتي... لو سببت لكِ كل هذا
حتى في كرهي لكِ
سأبقى أحبك...
دانيال أبو حمدان
من ديوان وطن الانتظار.
تعليقات
إرسال تعليق