التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بقلم الرائعة أ/ليلى جمل الليل////


قصة قصيرة
بين الحقيقة والسراب
الجزء الحادي عشر
الكاتبة/ ليلى جمل الليل.

إنصرف عامر وقد علقت رائحة عبير في أنفه، وارتجف قلبه حين عرف أن هذه ليست الرائحة التي أعتاد عليها
تلك الرائحة التي شغلت نهاره وليله، رائحة عطر الورد العالقة في قميصه..

نعم أنها رائحة إيمان إذن.. حدث نفسه
..
لم يخطئ حدسه مطلقا، كانت رائحة إيمان من تسكن أخاديد روحه دون أن يدري بذلك..
تترك عبق رائحتها وهي تشم وتعانق قميصه المنشور على الحبل.. تاركة أقوى لغة حب لغة الرائحة وأثرها الذي يمخر عباب الروح ..
لقد اعتداها ومع مرور الوقت أدمنها فصارت جزء منه..
كانت صنع الكعك الذي يفضله بذات وهو كعك جوز الهند أيضا إحدى لغات حب وهو لغة الرائحة مع الطعم، كانت طريقة الوصول للقلب الرجل عبر بطنه نظرية صحيحة شُوه مغزاها، لأن الطعم الممزوج برائحة وخدمة هو رفاهية الحب وذلك بتدليل الحبيب، أنما هو السيطرة التامة على المستقبلات الحسية في الدماغ، أنه أشبه بسحر الفرمانات..

دخل عامر منتشي وإذ بوالدته تستقبله كالعادة، أنكب عليها يعانقها بحرارة وشوق قبل جبينها وأخذ يمسك كتفيها ويهزهما، أنها إيمان إذن.. رددها مرتين كانت عائشة والدته شبه مصدومة، وهي تتأمل عامر بكل تلك البشاشة، كمن ربح جائزة ما، ضحك فابتسمت له، لم يكن عامر ذاك الشاب كثير الضحك والمرح، بل على العكس متوازن وهادى قريبه طباعه لعبير ، لكن إيمان كانت النقيض الجميل لهما، كانت تملك سحر رعونة الأنوثة، مرح طفلة، وطيش مراهقة، وعاطفة ناضجة، كان أنوثة طاغية، فيما يخطئ البعض بتعريف الأنوثة وإضفاء صفة التوازن والعقلانية لها والتي هي بالأصل صفة ذكورية بحته، كان جمال حواء هو النصف العقل ..
حقا نصف عقل تعيش به المرأة سعيدة وتفيض أنوثة تجذب به طاقة العطاء لأنها مستقبلة لها لا مصدر، حسنا أليست حواء خلقت من ضلع أدم، إذن من يتوجب عليه أن يحتوي الأخر ؟!..
أليس الاحتواء قمة التوازن والعقلانية، أذن هناك تشويش وتشويه لمعنى الأنوثة، وخلط بينها وبين الذكورة، فلا نستغرب كل هذا الكم من العلاقات الممزقة، والألآم بسبب العلاقات الفاشلة..
دخل عامر البيت بينما أسماء ظلت متسمرة على عتبة الباب، انتابها شعور بالغبطة لمشاهدة ولدها بهذا السرور المفاجئ، لم تعد تهتم ببغضها لإيمان، أقلة هذه اللحظة، فيما عادت عبير ووجها ممتقع اللون، لازالت ترتجف من انتهاك حرمة مسافة الحدود من عامر،
كانت إيمان محدقة عينيها من شباكها المطل على باحة عليهما.. حين ارتطم صحن الكيك في الأرض، كادت تصرخ وهي تلمح اقتراب عامر من عبير، لكنها لم تتمكن من حشرجة واختناق عينيها بدموع سابقا.. لا تعرف أن عبير قدمت لها عامر بطبق من ذهب!.

ظلت أسماء من عتبة بابها متأبطة وعلى وجهها تكشيرة حسرة، انتابها غثيان حينما شعرت أن عبير ابنتها تحذو حذوها هي ايضا في يوما ما، وقعت في هذه الحيرة وتنازلت عن والد ايمان محمود وكان اصلا خطيبها، لتعطيه لإلهام ابنه عمها حينما كشفت أنهما متحابان وهي تقف حجر عثرة في طريقهما، تنازلت لكنها لم تنسى الامر فحقدت على إلهام.. وشكلت مع والدة عامر رابطة أخوية في كراهية إلهام وأبنتها إيمان.. ذلك لأنها على عكس عبير ابتها التي لم تحب عامر إلا كابن عم أو أخ فقط
اغلقت عبير على نفسها الغرفة، وتجنبت والدتها تماما، أخذت الهاتف كتبت: (( العاطفة البكر، سذاجة أم نعمة، أم دليل طهارة؟))..
توقعت يجبها سليم.. طالما كان ذاك الغيث القادم من الفضاء الأزرق، لكنه كان مشغولا
من ناحية أخرى كان سليم مشغولا في الرد على إحدى المتابعات وقد ساعدها في إيجاد بعض الإجابات حول مشكلتها، فوصفته بأنه ملاكها الحارس ابتسم كثيرا وهو يغلق الهاتف أخذ يحدث مراد الذي أتى يواسيه، ويخبره أن هناك فئة من الناس اعتمادية، عاجزون عن اتخاذ قرارتهم باستقلالية، وهم منتظرون جهات خارجية تقرر عنهم او تصوغ لهم ذاك القرار المستحيل اتخاذه بأنفسهم، تبسم مراد قائلا: (( مقموعين في الواقع، يبحثون عن طوق لنجاة، ليضفوا لحياتهم معنى بدل الاحساس بالعجز وضعف الشخصية !!)).

رد سليم : (( أحسنت، تعلمت مني التحليل النفسي..)) ضحك الاثنان..

وضحك ايضا الحج محمد وزوجته الحجة فاطمة وهم في جلسة سمر في الباحة، بعد صلاة العشاء حيث تجمعوا مع أولادهم، جاءت عائشة وقد جهزت القهوة، كان عامر يحدج والدته متوسلا أن لا تخذله اليوم، قاطعت الهدوء جدته بضربتين من العصا، قائلة..

يتبع في الجزء الثاني عشر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بقلم الرائع أ/شوكت صفدي/////

"... نسيت وجعي، تعطر حزني بالحرية، نأيت عن أزمنة الشقاء، أزمنة الموت قهراً، وتوقفت معك لحظات الحلم، مبللين بأمطار تشرين ورعود تشرين ورياحه ووريقاته فوق قارعة الطريق القديمة، وعطره الخريفي.. وكانت جميعها تعزف موسيقا رقصتنا !.. جزء مني عاد إلى جسدي، وظل جزئي الآخر يرقص بين أطيافك.. سألتني أن نجعلها ألف عام قادمة.. وقلت، بل أريدها أن لا تنتهي خلود الزمن... لم تنقطع موسيقى الوجود لحظة، ولم ينقطع عزيف المطر والريح فوق النافذة، ونيران الموقد لم تخمد جواري... ومراهقتي التي هربت زمناً، ها هي تركض فوق الطرقات عائدة إلي، ترقص تحت المطر.. وشبابي المهاجر يستقبلني بشعر أشقر.. وطفلي الضائع في الغربة، يرجع من الفرار الى صدري، وإلى حضن وطن.. " يا عطر " . " عطر خريفي : من رواياتي "

بقلم الرائع أ/محمود عمر/////

«شرفة العمر الحزين» *********** عشت عمري كله شتاء وخريف وظللت أحلم كل يوم أن يأتي الربيع وطال بي الانتظار في شرفة العمر الحزين أتدثر بالأمل كلما اشتد بي الصقيع وكلما مر عام أنتظر البشارة تأتي في عام جديد يأتي فيه الربيع مرت الأعوام تباعاً عام خلف عام خلف عام والأيام تزداد قسوة والعمر شيء فظيع كم تمنيت أن يسرع الخطى ولكن الأمنيات عندي مستحيلة في زمن القساوة شنيع لم تشفع عنده طيبة القلب... ولا طيلة الصبر على الأحزان... ولا كثرة جروح الروح وآلام القلب وكأن الفرح علي منيع...!! حتى جاءني سهم الموت في وتين القلب من سند الحياة ممن ادخرته للأيام عوناً وليت الموت وقيع  لأذوق الموت مراراً  وطعم السكرات مرير...!!  أيا موتاً يأبى  يقربني  ألا لك من سبيل أسلكه...؟!  أو باباً أكون له قريع...؟!  لأترك دنيا نكرتني  فكرهت كل ما فيها  فكل ما فيها وضيع  فامدد يدك بكأس المنايا  فكم تجرعت أمر منه...!!  ولم أشتك يوماً  وكن معي خير صنيع...!!  محمود عمر

بقلم الرائع أ/عبد الرحمن القاضي/////

"غَزَليَّة" في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا نَدنوْ مِنْهُ ولا يأتيْنا نُهدِيْ عِطْرَ الحُبِّ إلَيْهِ ويُعَشِّمُنا ويُمَنّيْنا فَرْدٌ مِنْ عائِلَةِ الوَرْدِ يَنْضَحُ فُلّاً أو ياسَميْنا يَضْحَكُ إنْ قد كُنْتُ سَعيداً أو يَبْكِيَ إنْ صِرْتُ حَزيْنا ما في قَلبِيَ إلّا أنْتَ أمّا غَيْرُكَ لا يَعْنيْنا في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا... ! #عبدالرحمن_القاضي