التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بقلم الرائع أ/فوزي نجاجرة/////


فوزي نجاجرة من فلسطين
منفضة السجائر
ملت الصحف المحلية من متابعتي وملاحقتي لها، وملت من طول صبري ومعاناتي معها، أخيراً قرأت اعلانا فيها لوظيفة في مصلحة عمومية، تقدمت على الفور بطلب لهذه الوظيفة، مرفقا بشهاداتي البكالوريوس والدبلوم ، اضافة الى شهادات خبراتي وسيرتي الذاتية . بعد فترة تفاجئت باستدعائي لاجراء مقابلة، ذهبت وأنا غير مصدق أو متفائل، فنحن ما شاء الله، مجتمع مثالي يملؤه العدل والانصاف ، ونركز على وضع الانسان المناسب في المكان المناسب. وصلت الساعة التاسعة الى مكان المقابلات، وعندما جاء دوري اعتذروا مني بسبب موعد افطارهم، بعد حوالي الساعة استدعوني، فتحت الباب ودخلت ، واذ بأربعة أشخاص يجلسون وراء المكاتب ، كل واحد منهم أسمن من الأخر، ذوي ربطات عنق مشدودة، بغاديدهم منفوخة ، وجوههم تلمع ، كروشهم متدلية، فاعتقدت للحظة انني امام بشر يتعرضون لدورات تسمين .
أخير لم أصدق، تم تعييني في الوظيفة، انخرطت في العمل في المصلحة والتي يبلغ عدد موظفيها ستين موظفا، أثناء فترة عملي الأولى عملت بجد واخلاص وبأحسن ما لدي من جهود ، ولم اقصر في اي امر، فخلال ألاربعة أعوام الأولى، تمكنت من الحصول على ترقيتين ، علما أن الموظف العادي حتى يتحصل على ترقية يحتاج الى عشرون سنة ، فحسب قوانين المصلحة، يحصل الموظف كل نهاية سنة على نقطة ، واذا ما جمع عشرون نقطة سيحصل على ترقية .
نعم كان يدير هذه المصلحة امرأة مطلقة في الخمسين من عمرها، يساعدها شخص أخر هو مدير شؤون الموظفين، وكذلك محاسب وموظفة اخرى باحثة اجتماعية ، هذه المصلحة تضم أربعة أقسام، على رأس كل قسم مدير، فبناء على الترقيات التي حصلت عليها، تم تعيني مدير قسم ، بعد فترة زمنية تقدم مدير شؤون الموظفين بالاستقالة من وظيفته بسبب رغبته في الهجرة الى الولايات المتحدة الامريكية ، تم دعوتي كتابيا أنا وزملائي الثلاثة الأخرين مدراء الأقسام، لحضور مقابلة مع المديرة وأشخاص أخرون من الوزارة، وذلك لاختيار واحداً منا ليشغل وظيفة مدير لشؤون الموظفين كونه أصبح شاغراً .
في اليوم المحدد عقد الاجتماع، بحضور لجنة المقابلة الوزارية المكونة من ثلاثة أشخاص، وكنا نحن الأربعة مدراء مرشحين لهذا المركز ، تم توجيه سؤال واحد ومحدد لنا الأربعة، وعلى كل واحد منا الاجابة على السؤال شفوياً امام الجميع وحسب وجهة نظره، السؤال له اجابتان وعلينا اختيار اجابة منها، السؤال هو :
_ انت كونك مسؤولا تدير قسما من أقسام المصلحة الأربعة، ماذا تعمل اذا واجهتك اي مشكلة أثناء العمل ؟
١_ هل تحاول أن تحل المشكلة لوحدك داخل القسم الذي تديره انت مستخدما عقلك وعلمك وخبراتك ؟
٢_ ام تأخذ المشكلة كلها الى المديرة الكبيرة، دون محاولتك حلها بنفسك داخل قسمك، لتقوم هي بحلها ؟
اخترنا انا وزميلين اخرين الاجابة رقم واحد، وهي انني سأحاول حل المشكلة داخل القسم بمعرفتي وخبراتي، واذا عجزت عن حلها، فسوف استشير المديرة الكبيرة بحلها . بينما اختار زميلنا الرابع الاجابة رقم اثنين، وقال بعظمة لسانه: انا مثل منفضة السجائر أو المتكة التي على الطاولة ، فأينما وضعتني المديرة الكبيرة سأمتثل ، وعليه فاذا صادفت أي مشكلة لن اتعب نفسي بحلها ، انما سأحملها برمتها وأضعها امام المديرة الكبيرة لتحلها هي بمعرفتها ، انفض الاجتماع وغادرنا المصلحة .
  في اليوم التالي توجهت الى العمل صباحا ، واذ بأخينا وزميلنا ( منفضة السجائر)، يوزع  شوكالاتة على الموظفين بسبب ترقيته وتعينه المدير الجديد لشؤون الموظفين، وبعد البحث والفحص والتحري والتي قام بها بعض الزملاء عن مدير شؤون الموظفين الجديد، تبين أنه لا يحمل أي شهادة جامعية، وكل مؤهلاته العلمية هي عبارة عن توجيهي راسب .

تعليقات

  1. الشكر الموصول لمديرة الصالون الادبي جوني العيا والأستاذ كريم ولجميع المشرفين، شكرا لكرمكم يا محترمين، ودمتم للثقافة عنوانا

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بقلم الرائع أ/شوكت صفدي/////

"... نسيت وجعي، تعطر حزني بالحرية، نأيت عن أزمنة الشقاء، أزمنة الموت قهراً، وتوقفت معك لحظات الحلم، مبللين بأمطار تشرين ورعود تشرين ورياحه ووريقاته فوق قارعة الطريق القديمة، وعطره الخريفي.. وكانت جميعها تعزف موسيقا رقصتنا !.. جزء مني عاد إلى جسدي، وظل جزئي الآخر يرقص بين أطيافك.. سألتني أن نجعلها ألف عام قادمة.. وقلت، بل أريدها أن لا تنتهي خلود الزمن... لم تنقطع موسيقى الوجود لحظة، ولم ينقطع عزيف المطر والريح فوق النافذة، ونيران الموقد لم تخمد جواري... ومراهقتي التي هربت زمناً، ها هي تركض فوق الطرقات عائدة إلي، ترقص تحت المطر.. وشبابي المهاجر يستقبلني بشعر أشقر.. وطفلي الضائع في الغربة، يرجع من الفرار الى صدري، وإلى حضن وطن.. " يا عطر " . " عطر خريفي : من رواياتي "

بقلم الرائع أ/محمود عمر/////

«شرفة العمر الحزين» *********** عشت عمري كله شتاء وخريف وظللت أحلم كل يوم أن يأتي الربيع وطال بي الانتظار في شرفة العمر الحزين أتدثر بالأمل كلما اشتد بي الصقيع وكلما مر عام أنتظر البشارة تأتي في عام جديد يأتي فيه الربيع مرت الأعوام تباعاً عام خلف عام خلف عام والأيام تزداد قسوة والعمر شيء فظيع كم تمنيت أن يسرع الخطى ولكن الأمنيات عندي مستحيلة في زمن القساوة شنيع لم تشفع عنده طيبة القلب... ولا طيلة الصبر على الأحزان... ولا كثرة جروح الروح وآلام القلب وكأن الفرح علي منيع...!! حتى جاءني سهم الموت في وتين القلب من سند الحياة ممن ادخرته للأيام عوناً وليت الموت وقيع  لأذوق الموت مراراً  وطعم السكرات مرير...!!  أيا موتاً يأبى  يقربني  ألا لك من سبيل أسلكه...؟!  أو باباً أكون له قريع...؟!  لأترك دنيا نكرتني  فكرهت كل ما فيها  فكل ما فيها وضيع  فامدد يدك بكأس المنايا  فكم تجرعت أمر منه...!!  ولم أشتك يوماً  وكن معي خير صنيع...!!  محمود عمر

بقلم الرائع أ/عبد الرحمن القاضي/////

"غَزَليَّة" في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا نَدنوْ مِنْهُ ولا يأتيْنا نُهدِيْ عِطْرَ الحُبِّ إلَيْهِ ويُعَشِّمُنا ويُمَنّيْنا فَرْدٌ مِنْ عائِلَةِ الوَرْدِ يَنْضَحُ فُلّاً أو ياسَميْنا يَضْحَكُ إنْ قد كُنْتُ سَعيداً أو يَبْكِيَ إنْ صِرْتُ حَزيْنا ما في قَلبِيَ إلّا أنْتَ أمّا غَيْرُكَ لا يَعْنيْنا في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا... ! #عبدالرحمن_القاضي