قصة
السماك
تأليف
محمود زيدان حافظ
يقف على شاطئ النهر يصلي الفجر، سمى أسم الله وأخذ مركبه وتوكل على الخالق وبدأ رحلته اليومية في الصيد، مع ساعات الصباح وبداية الذهاب للعمل نزل طارق لطاولته المعتادة في ذلك النادي الشاطئي وأخذ المركب يقترب منه ببطء .
طارق / صابر، رزق اليوم كله أنا ها شتريه
صابر / تأمر يا طارق باشا
صوت انفجار شديد ترتج له جنبات النادي ويفزع لها الصياد، وطارق لا يرمش له جفن وكأن شيء لم يحدث وينهض في هدوء ليخرج من النادي.
في أخر ساعات المساء وقبل الفجر بقليل طارق مستلقي على حافة المركب وصابر يستخدم المجداف لتشق المركب صفحة نهر النيل بهدوء وروية وبأحد أجناب النهر يقف المركب لينهض متثاقلًا طارق ويغادر في صمت .
تعددت البلاغات بالقاهرة وضواحيها وجميعها بذات المضمون اختفاء بلا أثر نهائي لا خيط للتبع لا شاهد لا دليل على الموت أو الحياة . فرق البحث تنتشر بكثافة، حالة استنفار أمني غير مسبوقة،
هناك في قسم شرطة الزيتون امرأه تبكي أبنتها وهنا في المعادي رجل يبحث عن وحيده، القاهرة في رعب مع تفعيل أوقات الحظر الشامل .
صابر يشكوا ضيق الحال بسبب هذا الحظر وطارق يعدو سريعًا قبل موعد الحظر .
قسم المرج يسجل أول حالة اختفاء ، صابر يقبل النقود بين يديه وكأنها منذ زمن بعيد لم تأتيه وطارق يقف أمامه مبتسمًا.
في ساعات النهار الأولي قام مجموعة من الغواصين التابعين للشرطة بالنزول لنهر النيل وتمشيطه وعند منطقة متسعة من النهر ورغم صعوبة الرؤية يذهل الغواصين من ذاك المشهد العجيب مئات الجثامين طائفة ما بين القاع وسطح الماء وحولهم سلاسل من حديد مقيده بثقل بالقاع ينظرون لبعضهم البعض وكأنهم في وسط مزرعة جثامين بحرية يخرج الغواصين فزعين يرون للقيادات ما وجدوا لتنقلب الدنيا رأسًا على عقب . وتثور التساؤلات وتحوم الشبهات والجميع يتخبط فلا أحد يعرف ما يحدث وكيف حدث ؟
في اجتماع هام بوزارة الداخلية يتدارسون الأمر وأصبحوا الأن على يقين بأن التفجير الأخير كان للإلهاء وجذب النظر بعيدًا عن الهدف الرئيسي فصدرت قرارات هامة كحظر التجول منذ أخر ضوء وحتي أول ضوء وكذلك تمشيط نهر النيل بالكامل . يقطع الاجتماع أحد الضباط فيدخل ومعه تقرير الطب الشرعي فجميع الجثامين منزوعة الأعضاء .لعله بداية الخيط فهناك تشكيل عصابي لسرقة الأعضاء البشرية والاتجار بها.
مجموعة من الأشخاص مختلفي العرق والشكل مجتمعين ويدور بينهم حوار هادئ مفعم بالفرحة البادية على أعينهم وحديثهم فيما بينهم ويقرعون الكؤوس وكأنهم نالوا نصرًا عظيمًا .
داخل مكتب وزير الداخلية وبه العديد من القيادات لمختلف أجهزة الدولة ليقف أحد الضباط يستعرض ما يدور على الساحة ويضع نقطة هامة ، لا يمكن لمجموعة من تجار الأعضاء أن يستخدمون التفجيرات للإلهاء ، هذا التخطيط أظنه دولي وليس فردي أو جماعي وهنا السؤال ماذا إن كانت تجارة الأعضاء هي الإلهاء . يجب أن نبحث خلف ذلك الصائد المبلغ عن اكتشاف الجثامين .
يقاطعه وزير الداخلية بأنه تم زراعة أحد الصيادين وسطهم للبحث عن الحقيقة وهو يقوم الأن بمهمته على أكمل وجه ممكن .
ليتدخل مدير المخابرات في الحديث مضيفًا أن الوقت الحالي لا يسمح بحدوث كل ذلك فالدولة في أزمة مالية طاحنة ووقف الإنتاج في هذا التوقيت قد يؤدي لكوارث لا قبل لنا بها .
يستأذن أحد الضباط بالدخول فيسمح له فيدخل الرائد طارق للاجتماع مستعرضًا أخر ما جد من أمور وسط الصيادين والسماكين ليكشف لهم عن أسم "ماجد" ويعرض مقاطع مصورة له أثناء عبوره نهر الطريق وقت التفجير وكذلك مقطع أخر وهو في طريقه لأحد المراكب كما أن هناك أثنين فقط من الصيادين هم من يتعاملون معه .
بالبحث عنه وكشف هويته أعددنا ذلك الملف وبه كافة تفاصيل حياته منذ مولده وحتى اليوم . والمعلومة الهامة أنه دائم السفر خارج مصر للسياحة.
لا أحد يقترب منه ولا يتتبعه أحد دعوا هذا الأمر لنا فنحن من سيتتبعه كظله لعلنا نكتشف ما وراءه هكذا طلب رئيس جهاز المخابرات. ينتهي الاجتماع والجميع يذهب ليباشر مهام عمله .
صباح ثاني أيام الاجتماع يمر ماجد بأحد الشوارع وخلفه مبني ينفجر بشدة فيقبض عليه على الفور ويتم اصطحابه لمكان مجهول ويبدأ التحقيق معه .
يالا ذكاء ذلك الداهية فلا دليل ضده وهو مراوغ جيد جدًا ويتلاعب بالألفاظ جيدًا . الكل في ذلك الجهاز يحاول معه لانتزاع معلومة واحدة دون جدوى .
اجتماع طارئ لذات المجموعة المختلفة وجميعهم في ذهول وأمامهم تسريبات من التحقيق مع ماجد فلا هم يعرفونه ولا يوجد أمامهم أي جهة أعلنت رسميًا أنه يتبعهم ، الجميع مضطرب يشعرون بالتخبط ويصدروا قرارات هامة منها عدم التعامل داخل مصر تمامًا مؤقتًا لحين الوقوف على حقيقة الوضع .
دعوة لجميع قيادات الدولة برئاسة الجمهورية بحضور السيد الرئيس . في الاجتماع الجميع فرح والسيد الرئيس يوجه الشكر للجميع فقد تمت عملية السماك على أكمل وجه ممكن واستطعنا تشتيت جميع الأنظار عن الدولة وفعلنا ما نريد واستوردنا كافة الأسلحة المطلوبة وأكثر وأغلقنا جميع الحدود وتم تأمينها بالكامل وذلك دون فقد لقطرة دماء واحدة فالدفاع المدني فجر المباني المطلوب أزالتها بكامل الحرفية وشرطة المسطحات وضعت هياكل الجثث بشكل يبث الرعب في النفوس والعقيد ماجد تم تسريب التحقيق معه بشكل يفوق الخيال . شكرًا لكم جميعًا أديتم المطلوب وأكثر . شكرًا صقور مصر ورجالها .
تعليقات
إرسال تعليق