إرهاصات القوافي..
مـن لقَّــنَ الشِّــعر أنَّ الحُــزنَ قافيـةٌ
فأتقـــنَ الــــدرسَ حتَّــى راقَــهُ الأمـر
من أورثَ الحرف ميراثَ الهموم أسى
فأدمنَ اليـأسَ فـي كـأس الهـوى مُر
ومن أزاحَ المُنى ما طاب في طلبٍ
أو خاضَ فـي جدلٍ أو زانَـــهُ السِّحر
يـــا شـــؤمَ برهانِــه فــي كـلِّ تجربـةٍ
يحــــاولُ النطــقَ قبــل البدءِ يفْتَـر
"للصدر" جُبْنٌ تُــذِلُّ "العجز" خيبته
يبتَــزُّه السُــؤْلُ نحــوَ الوَهـنِ يَنْجَـر
تلـوثَ الحرف زيفًا لانقاءَ بـه
فساءَ جوهرهُ مُذْ شابَه الكَدْر
فمن يعيد بهاء الشعر رونَقه
خابَت مناقبهُ إذْ عافهُ الطُّهر
عُقْمُ الشـعورِ سـرى مـن حدِّ رفعتـة
وفـــي رجائــهِ خـــابَ الزهـو والشِّـعر
فــــي لوحـــةِ البوح أشجانٌ ومُعضـلة
يُــــــراوِغُ القـــــول تعبيــــرًا ويجْتَّـــر
أنَّــى "لبيـــتِ قصــــيدٍ" جــرأةُ ورؤى
كاللّّغـــزِ يُمْليـــهِ دون المُبتغـــى حِبــر
أعيـــاهُ مَطْلبـــهُ المكتـــومُ مـــن حذرٍ
هيهــاتَ يشــفعُ فــي إبهامـهِ العُــذر
يُســـاوِمُ القَصـــدَ والمغزى يكابِــدُه
ويــحُ اليقيــــنِ كـــأنَّ المُرتجــــى سِــر
يصـوغ فــي مقتضى الإيحاءِ أُحجيـةً
مـرارةُ اللَّــوعِ حيــنَ المشــتكى سُــعر
يــا "بحــرَ" مِلــحٍ بمـــدِّ الأفـــقِ لُجَّتــه
تخلخــلَ القعــرُ شـــذَّ المــدُّ والجـزر
في المســـــتحيلاتِ آمــــالُ يُنادمهـــا
ليـلُ التَّجلِّـــي طويـــلٌ هـــدَّهُ الصَّـــبر
تكابِــــرُ الــــروح فــــي إيلامـها وطــــن
العِّـــــزُّ فيـــــهِ ذليــــلٌ ســـــادَهُ الجَــوْر
لمــــنْ أنــــارَ هُـــدى الإصـــلاحِ مأثــرةً
وشـرَّعَ العَـدل حتَّـى يستوي الدهـر
نَقْشُ "المسلَّاتِ" قانونٌ على حجـرٍ
طــــيَ المتاحــــف مَنْســـيٌ ومُغْبـــر
مـــا أدركــوا وطنــا تزهــو حضــارته
وجاهِــــلُ الحكــــمِ بالســــلطانِ يغْتــر
تزاحـمَ الحــرفُ تلــو الحـرفِ سِلْسِلةً
عصماءَ بـين صِحافٍ قَدْرُهـا صِـفر
أَعِــــرهُ من مجـــدِكَ المفقــــودِ مفخرة
شاخَ القصيدُ وما أغرى النُّهى سِفر
عبدالرحيم أبو راغب
تعليقات
إرسال تعليق