زمن الطفولة.......
ولدت مع ولادة الحرب العالمية الثانية.(١٩٣٧.) الأيام قاسية لا شيء فيها كان مفرحا انتشر الجوع والمرض ومات كثير من الأطفال ومن بقي على قيد الحياة كان من السعداء
بدأت رحلة العمر في حديقة الطفولة هي ليست حديقة بل صحراء أرضها باردة رملها جرح بطني من الزحف عليها وأنا شبه عار البيت ترابي حجارته سوداء يتسع لأهل البيت وحيواناتهم معا والبيوت متلاصقة تشكل سوقا وبين صفي البيوت من الجانبين يسير زقاق المرور ونحن الأطفال القادرين على السير نجوب الحقول والبياًدر ونفتعل المعارك بالحجارة سلاحا أما في الشتاء فسلاحنا كرات الثلج .لم تكن كل أيام طفولتنا لعبا بل بعضها في بيت جدي يعلمنا القراءة والكتابة وبيده قضيب الرمان لمن يخطئ أو يقصر في واجباته وسائلنا ريشة قصبية ومداد من الشحار ممزوجا بالماء وهذا قبل أن تفتتح المدارس الرسمية في منطقتنا إلى أن أصبحنا قادرين على الذهاب إلى مدرسة في قرية مجاورة سيرا على الأقدام عندئذ ذهبنا لنكمل تعليمنا.. لم نتفرغ للدراسة بل كنا نقوم بأعمال الفلاحة ورعي الحيوانات والحصاد والدراسة في مواسمها على حساب دراستنا
أنهيت مرحلة الطفولة أتأرجح بين عشقي للعلم ومتابعة التحصيل العلمي وبين القيام بما يجب أن أقوم به من أعمال في البيت وقد حفظت عن جدي نصيحة تقول( لا تنس يا ولدي أن كنوز الدنيا مخبأة في قلوب الكتب ومن يرتشف الرحيق من فم الزهرة يجني عسلا ومن يريد أن يجني العسل عليه أن يعمل كالنحلة)
تجاوزت مرحلة الطفولة وقد علمتني كيف أزحف وأحبو لأصل وكيف أسير منتصب القامة قويا لأحصد محاصيلي وتعلمت كيف ومتى ولماذا أبكي وأضحك وكيف أبقى منتصب القامة أنظر إلى نجمة الصبح تذكرني باسمي ويوم ولادتي وإلى الشمس تذكرني وهي تغوص في أعماق البحر أن لكل فجر مغيب ولكل مغيب شروق
جرجس لفلوف سورية
تعليقات
إرسال تعليق