سيارة سوداء
وقف أحمد في شرفته المطلة على الشارع العمومى، تتجول عيناه في الطريق المتسع أمامه، سكن الليل وهدأت حدة المصابيح المضاءة، تجمد في مكانه يتابع حركة السيارات وأصواتها المجلجلة، لا ً يحرك ساكنا مجرد عينان تجولان وتراقبا أضواء السيارات النافذة، تلج إليه زوجته فتجده ساكنا لا ينطق، وكأنه قطعة أثاث نزعت منها الروح، تتركه بمفرده بعد أن فاضت له في الحديث ولم يعرها أدنى أهتمام.
دارت أفكار الماضي في رأسه، تذكر الفتاه التى عشقها بكامل كيانه وروحه، أرتبط بها فكانت منارته التى تشع بالضياء، حالت الأيام وفقره المدقع دون أكتمال قصتهم، تقدم لطلب يدها ولكنه لم يلقى ترحيب، أنكسر قلبه الذى تعبأ بنسيم حياتها، أنطفأت الأضواء المشتعلة في طريقه القاسي، نأى عنها ورحل يبحث عن المال، تنقل من مكان إلى مكان أخر، دفعته عيونها اللامعة للتقدم، فنجح وجلب المال الوفير، تسللت منه الأيام دون أن يشعر.عاد بعد سنوات من رحيله البعيد، بحث عنها ليقدم لهم ما يرغبون، ولكنه لم يعثر عليها، أنطفأ البريق المشع في عينيه، أرتبط بأخرى لا يهواها،
مع الأيام قدمت له الكثير فتعلق بها، أنهمك في عمله، ولكنه حينما يأوى إلى فراشه، يشعر بدنوها منه وعناقها له، يحاول أن يطردها من أحلامه ولكن لا يستطيع.
تتعلق عيناه بسيارة سوداء فارهة، تمر أمامه وتتوقف أمام منزله، تطل من نافذتها سيدة رقيقة بارعة الجمال، يتابع مرورها بجواره يحدق في السيدة الفاتنة، يفاجأ بأنها حبيبته الأولى التى فقدها، أحاط بها رجل ضخم البنيان يبدو وكأنه لاعب مصارعة، تلتف ذراعيه حولها، تحتضنه في حنان، تلقي صوبه نظرة حادة، تدلف إلى بيتها ويتعذر عليه رؤيتها، تتشبث نظراته بالسيارة السوداء التي تقبع أمامه.
محمد كامل محمد
مصر
تعليقات
إرسال تعليق