التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بقلم الرائع أ/محمد الصباغ/////


قصة قصيرة I الفصل الخامس

ودعت كل شىء ولم أأسى على شىء كل الحياة دخان يتباعد بلا تماسك ثم يتلاشى ؛ كل شىء أصبح خلف ظهري وأنا أقف فى مفترق ؛ مفترق الحياة الذي وجدتني فيه ؛ أرقب وحدي مصيري : إلى أين ؟! ؛ فى وحدة ووحشة تبطل الحياة ؛ سواء مع الأحياء أو مع الأموات ممن كانوا فى الحياة أو فى أي من العوالم الموازية لعالمي ، والتي كنت أحيا فيها عبر الزمن وعبر الأمكنة ، وبقيت فى وحدتي ووحشتي يمتلأ قلبي بالتوجس والخوف ؛ من حولي لا شىء واضح أو محدد أو منظور فى المدى أو من المحتمل أن يكون موجوداً ؛ وكأني صرت كتلة من الجماد منطلقة فى الوجود الذى لا أستطيع من خلال ما حولي وبحواسي أن أدرك مداه ؛ وكان ظني أني فى تلاشي ؛ وربما قد تدركني وقبل فنائي تماماً ؛ أن تدركني نفخة وجود جديد من خالقي فى حياة جديدة غير ما سبقها ؛ تأتي عبر روح محبة تشعر بشكل ما أني أغرق فى العدم وأني قد دب فى روحي الفناء ؛ وعدم الرغبة فى مزيد من الحياة كما جرت الحياة وكما عشتها وكما كانت هى .

وبدا لىّ أنني فى لحظات النهاية ؛ نهايتي وسط الوحشة والوحدة ؛ وحشتي أنا وحدي ؛ ووحدتي أنا وحدي ؛ دون باقي المخلوقات التى امتنع علىّ فى لحظتي تلك أن أعرف مصيرها أو أين هى فى الوجود ؟! .

بدا أنني فى لحظات نهاية النهاية ؛ وقتها كان يقيني أنني قد وصلت إلى نقطة التلاشي ولحظة النهاية التى فيها عدمي تماماً ؛ بعد فنائي وقد احترت ماذا علىّ أن أفعل إذا ما كانت هذه هى لحظات نهاية النهاية ؟! ؛ ماذا أفعل ليس لكى أمنع النهاية ؟! ؛ فهى ستحدث بإندفاعها هى لا برغبتي أنا ، وليس بإندفاعي أنا إلى النهاية !! النهاية حادثة حادثة لكوني من البشر لكوني من المخلوقات ؛ ولكوني من نوع المخلوقات المتمردة ولكن رفضي لنهايتي على هذا النحو وأن تكون وسط وحدتي ووحشتي ؛ رفضي كان لكوني لم تعجبني النهاية وفق واقعها الذى يتم على غير ما أردت وما أريد .

وكان ظني وفق وجودي الأول ، الذي أوقفه حقيقة أني موحش وحيد ؛ أن الأرواح المحبة الهائمة ؛ عادة ما تبحث عن أي صورة من صور التجلي والظهور لنا ؛ ولكن مضى زمن طويل منذ غادرتني آخر روح محبة ؛ ومنذ وقتها لم تظهر لىّ أي روح من أرواحي المحبة !! .
وقد صار لىّ زمناً وأنا فى وحشتي ؛ فأصبحت فى وحشتي وحيداً متعباً أبدياً ؛ بلا هداية أو ونيس ؛ أقف فى المفترق بلا حياة وبلا موت وبلا رغبة فى الحياة وأيضا بلا رغبة فى الموت .

وأصبح ظني الحاضر معي ؛ أن ما أنا فيه راجع لأني قد أفسدت على نفسي وجودي ولست فقط قد أفسدت على نفسي حياتي ؛ وإلا لماذا هذه الوحشة والبعد والوحدة ؛ حتى عن من ماتوا وغادروا الحياة ؟! .

لقد غشيتني حيرة فى وحدتي ووحشتي : ماهى طبيعتي الآن ؟! ؛ هل أنا حي ؟! ؛ هل تتسرب الحياة مني ولكني لزمن ما متناقص بالتسريب المستمر ؛ سوف أستمر فى الحياة ؟! ؛ منهكاً فاقداً قدرتي على استطعامها وفاقداً مذاقها ؛ أم هل أنا قد أصبحت ميتاً فى الحياة ؟! ؛ أم أني قد دخلت فى عالم الموت ؛ وما أنا فيه هو الموت الحقيقي ؟! .

ما كنت فيه ؛ لم يكن موتاً ؛ ولم تكن حياة ؛ لم يكن حلماً ؛ ربما كان تخلقاً من السكون أعلى هاوية العدم التى ليست تحت قدمي مباشرة ؛ ولكنها ليست بعيدة ؛ فهى حاضرة بحضورها إلى ذاكرتي ووعيي وخشيتي وسكوني ووقفتي فى وحدتي ووحشتي .

كان جسدي قد قُيد فى مرقدي وكأني مُت واقفاً ودفنت واقفاً ؛ وأن روحي قد انطلقت فى معراج الصعود المقيد فى وحدتي ووحشتي ؛ فمهما ارتحلت فهى لم تباعد وهى ملتصقة بما يشبه " جثماني الواقف " .

لقد تأكدت أنني لست ميتاً ، وأنني لم أفنى ؛ فمازلت تأتيني تدفقات الأفكار والتساؤلات !! وأني بالبحث سوف أجد وسيلة ما للعودة إلى الحياة التى لا تفنى أبداً ؛ وتتجدد بمجرد تخيل تجددها .

ولم يطل صبري فى وحدتي ووحشتي ؛ فقد حضرت لىّ بشارة ؛ بأن مواصلة الوجود فى الحياة ، وتكرار الوجود وعدم الفناء ممكن ؛ ولكن فقط علىّ أن أفتح قلبي لتلقي البشارة بتجدد طاقة الحياة الخاصة بىّ ؛ وقت أن تأتي الإشارة بأن الحياة دبت فىّ من جديد بإعادة شحن روحي بنفس القدر والقدرة من طاقة روحي التى كانت فى بطاقة روحي السابقة .

كنت في " الفصل الخامس" الطقسي ؛ من فصول الحياة الجديدة التى أصبحت فيها ؛ حيث لا علامة تُحدد المكان الذى أنا فيه ؛ ولا وقت يُحدد الزمن ، ولم يكن يتغير الوقت علىّ ؛ فلا فجر ولا شروق ولا صُبح ولا ظهيرة ولا غَسق ولا غروب ولا مساء ولا حُلكة الظلام ؛ فلم أكن أنا الثابت فقط !! ؛ بل الأرض والشمس والشموس والكواكب ؛ كل توقف عن الدوران وقد دخلوا فى مرحلة الثبات ؛ و تخلوا عن الحركة الطبيعية لهما وقد سكن الكون ، وبقى الوضع هكذا ؛ فلا كثافة إضاءة ولا إعتام ؛ فقط ضوء الرؤية ونور ثابت ؛ يكاد يكفي لإبصار مكان ثباتي على حالي .

منذ متى وأنا هنا وأنا هكذا لست أدري ؟! ؛ كيف سأبقى لست أدري ؟! ؛ لما سأبقى لست أدري ؟! أنا آخر ؛ بلا تكويني السابق ، لقد مُسحت ذاكرتي وعلىّ أن أكون ذاكرة جديدة تستوعب احتياجاتي الجديدة ؛ لو أردت أن أبقى على الحال التى أنا عليها ؛ والتى ليست هى حالة الإنفجار ، وهى أيضاً ليست حالة التمام .

فتشت عن أحلامي ؛ لا أي من أحلامي بىّ ؛ كلها ماتت أو تبددت ؛ أو ضاعت قبل أن أصل إلى أرض وحدتي ووحشتي هذي ؛ حيث الوجود قحط و لا شىء وأصبح الوهم أو الإلهام الباقي فىّ يخاطرني فى أرض وحشتي ووحدتي :

" لن تنمو الأحلام أو تتحقق إلا فى أرضها وفى منبتها الحقيقي ؛ وفى أرض زرعها المُنبت ومن زّرع أصحابها ؛ ولا يمكن زرع أحلام فى غير أرضها . لا تنمو الأحلام والآمال فى صحاح الأحلام ؛ إلا فى قلوب حية تنبض بالحياة وتعيش بقوة الإستمرار وبقوة القدرة على العيش فى الواقع مهما كانت قسوته وحاجته وشقائه " .

فى وحشتي ووحدتي واسيت نفسي :

" ليست أزمتي وحدي فى الحياة ؛ بل هى أزمة ومقتل وفناء ؛ كل من يشعرون ويتألمون لألم الآخرين الذين بدورهم لا يجدون من يتألم لآلامهم فصاروا فى الألم متحدون ؛ لا يفعلون شيئا لأنفسهم أو للآخرين . وأصبح يقيني أنه لا وسيلة لىّ للدخول إلى عالم الموجودات والإئتناس بباقي المخلوقات ؛ إلا بإعادة التخلق فى رحم ما ؛ وأن تربطني بالحياة مشيمة إلى أن يحين آوان العودة ، ولكن كيف اليقين والحصول على الإجابة بأن ذلك ممكن وأن العمر ينقص ويزيد ، وأن العمر ينفد ويتجدد ؟؟ .

فى وحدتي ووحشتي ؛ لما أردت أن أبكي على نفسي ومن حالي ؛ اكتشفت أني فى وحدتي بلا زاد من دموعي ؛ وأنه لا دموع داخلي ، وقد تحيرت فى فهم وتفسير عدم وجود الدموع لحظة أردت أنا أبكي ؛ فإما قد جفت الدموع بداخلي وإما أن " مكابح الدمع " لدىّ قد أصبحت لا تعمل !!
ومن فوري أدركت أني لا يمكن أن أبقى فى وحدتي ووحشتي دون إصلاح هذا الخلل القاتل فى صميم كينونتي ؛ فإما سأصاب بجفاف الدمع الأبدي ؛ وإما سأصاب بالتسمم نتيجة عدم وجود الدمع بالجسم ليخفف ويداوي الممكن من الأحزان ؛ كوني وحيداً فى وحشتي ؛ على مفرق ؛ فى إنتظار أن يتذكرني أحد من أمواتي فيأتي ليوأنسني .

5

فى مفترقي وأثناء وحدتي ووحشتي ؛ لقد اختفت الفصول الطقسية الأربع من قلبي ؛ اختفت فصول السنة الأربع وحل محلها " الفصل الخامس " حيث لا ربيع ولا صيف ولا شتاء ولا خريف ؛ وأصبح حال الطقس هو " الفصل الخامس " الذى هو كل الفصول وهو أيضا اللا فصل واللا شىء ؛ فقد أصبح الجو من حولي فى ذلك الإمتداد السرمدي ؛ هو كل هذا فى ذات اللحظة ؛ من ذلك التقلب الجوي الذي أصبح يحدث من حولي فى وحدتي ووحشتي :
"من قام بتفكيك الكون فى قلبي ؟! ؛ ومن قام بتفتيت الكون فى وعيي ؟! ؛ ومن حذف الفصول الأربعة من الطبيعة واستبدلها بالفصل الخامس ؟! ؛ بل من الذى ألغي "طبقة البلسم " من الغلاف الجوي ؛ فأصبحت الخشونة هى اللاصق لتركيب الأشياء ببعضها حتي أصبح الفصل الخامس هو الملغي للفصول الأربعة وأصبح هو الفصل الموجود لكي يحيا فيه الأحياء واللا أحياء ؟! . وحيث أصبح " فرج " المرأة هو الثقب الأوسع فى الطبيعة والذى لا يفضي إلى شىء ؛ لا يفضي إلى الرحم ؛ ولا يفضي إلى اللذة المعتادة التى تتجدد بها الحياة ويصبح الوجود واقعاً ؛ فكل محاولات تجميل القالب الشكلي للإنسان عبث وتضيع الحياة ومعناها الحقيقي ؛ فى حين أن الروح تستجيب لكل " شهيق " للجمال فى سهولة ويسر وتعكسه فى مدى لا محدود من الكون " .

كنت قبل وحشتي ووحدتي أدرك أن دورة الفصول الطقسية الأربعة تحدث ؛ لكى يستنفد الإنسان عمره ، ويشعر أن عمره يُستنفد ؛ ولكن أن تلغى الفصول الأربعة ؛ وتُستبدل بالفصل الخامس ؛ ويصبح لا تداول للفصول ؛ فمؤكد أن هذا هو الموت الذى ليس فيه تنوع الحالات ؛ بل هو فصل واحد ، لا يحدث فيه إلا فناء صغير للفصل ، والذى يكبر حجمه بفناء الفصول الأربع ؛ ثم يتكرر توالي فناء الفصول حتى يحدث فناء عمر الإنسان بتكرار فناءات الأعوام كل حسب عمره .

رويداً رويداً أتي العالم وتخلق من حولي ؛ ليس الوجود الذي كنت فيه سابقاً ؛ بل وجوداً آخر ؛ بلا بشر أو أناس ولكن أصنام على هيئة البشر ، وفى أوضاع البشر ؛ ولكنها لا تتحرك ؛ هى فى أوضاع ثابتة وجوداً صنمياُ ؛ كائناته من "الأصنام البشرية " . وكذلك كان الجو والهواء الساكن بلا حركة فكأنه أيضاً " هواءً صنمياً ؛ لا يتنفسه أحد ؛ ولا يدخل رئة أحد ولا يخرج من رئة أحداً ؛ فالجو أصبح كالخلفية المرسومة والمشهد غير متحرك والإضاءة ثابتة .

أتى عالم آخر شبيه بما كان وعرفته سابقاً ؛ فقد أتت الشوارع بلا أبنية وأصبح فى الجو عصافير " صنمية " ثابتة بلا طيران وطائرة بلا حركة ؛ فهى ثابتة فى حركتها !! .

ولكنه كان عالم ؛ أفضل من العدم واللا وجود الذى أفقت على تأملي موجوداً فيه ؛ فى وحدة وفى وحشة بلا أي شىء .
كان علىّ أن أمشي فوق الخط الذى يعلو العدم والفناء ، إلى أن أصل إلى الوجهة الأخرى التى لاح لىّ أن فيها النجاة وفيها الحياة ؛ وفيها الخلود فى الحياة .

ووجدتني أمشي نحو ما ظننته أنه النجاة ؛ أمشي على خيط القدر الرفيع جداً والحاد ؛ أمشي أسفلي هوة سحيقة بلا قاع ؛ لو سقطت ضاع ما مضى من عمري وصرت رماداً محترق ؛ ففى هوة الحياة من أسفل ؛ أكثر من بركان يتلقف الذين يسقطون من علو إرتفاع خيط القدر .

كنت قد شعرت أني بدأت فى التحول من كائن ؛ إلى وجود على وشك أن يبتلعه العدم ؛ إن لم تنقذني قوة ما أكبر من قدرة العدم على إبتلاعي . أدركت للحظة أن يداً امتدت لىّ تتحسس مكان النزف ؛ وقد كنت قد كتمت فى وحشتي ووحدتي ؛ السائل النازف ، بعد أن خلعت قميصي في آخر وعى لىّ قبل غيبوبتي ؛ وقد حشرت جزءاً من القميص فى فتحة الجرح النازف ؛ ولا أذكر شيئاً بعد أن فعلت ذلك فى لحظة إفاقة وقد نسيت أي شىء تم بعدها .

لقد نسيت رحلة وحشتي ووحدتي داخلي ؛ تلك التى اهتديت أخيراً أنها على الأرجح قد تمت داخلي أنا ؛ ليس فى مكان آخر أو فى زمن آخر ؛ قوة ما وقدرة ما ؛ مَسْحت من الرحلة بعض الأشياء ؛ أنستنيها عمداً ؛ أعرف مكان وتسلسل وجودها فى " القصة " ولكني لا أعرف تفاصيلها ؛ هى كتلة غير مكشوفة ولا يمكن الدلوف إلى تفاصيلها ولا يمكن تفكيك مكنوناتها ؛ هى حدثت حيث حدثت ولكن ستظل كتلة صماء ضمن تفاصيل "الفصل الخامس" الذى أصبح بديلا عن تداول الفصول الأربع للطقس .

لقد أتت بيّ رغبة ما أو قوة ما إلى مكان وحشتي ووحدتي وهى الوحيدة التى يمكن أن تردني إلى عالمي . ولست أدري أأسري بىّ إلي مكان وحدتي ووحشتي ؛ حيث وجدتني فى تجربة " وجودي العدمي " أم أن حلماً من الأحلام سحبني إلى هذه اللا أرض وهذا اللا زمن ؛ وتلك الحالة التي وجدتني موحشاً فيها ؛ أخوض تجربة رؤية العدم ؛ إذا ما صار الوجود إلى العدم ، ووجدتني أصل إلى الحل الذى أتى ميسوراً بوحي البشارة ؛ أتى فى سهولة وصار أكثر سهولة عندما تخيلت أنني قد شرعت فى السير فيه ؛ وعندها قلت ليّ : "لماذا لا أفتش عن خالقي ، الذى أوجدني فى الأصل ؟! ؛ ربما تكون تجربة الوحدة الموحشة ليست إلا إختباراً لاكتساب القدر النهائي من المعرفة لأوجد ، ولابد أن تكون هذه تجربة مكتوبة لىّ فى قدري الذى سطره خالقي !! . إن الله لا يكف عن أن تكون أنت قطعة منه ؛ بل أنت الذى تكف عن أن تكون قطعة من خالقك العظيم ؛ خالق كل المخلوقات والكون اللا نهائي ؛ فهو إله لا نهائي " .

لقد تدفق علىّ فى إفاقتي سيل من أفكاري السابقة عن "الكوني المتمرد" والصيغة المشوشة لديه عن جهنم وعذاب جهنم ؛ والتي لا تفي بالحقيقة ، والتى لا تفصل بين " الكوني الطائع " المنسجم مع خالقه ؛ والكوني المتمرد الذى فصل نفسه عن الخالق بتمرده ، وهو الجاهل بحقيقة الخالق !!
وقلت ليّ أيضاً : "كل الماديات إن لم تثري روحك وتوسع إيمانك بعظمة خالقك على صورته ؛ فهى مهلكة لك وعليك ألا تسعى لها ؛ فهذا المسعى طريق سريع إلى الجحيم الأبدي بكونك غير طائع لخالقك" .

        محمد الصباغ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بقلم الرائع أ/شوكت صفدي/////

"... نسيت وجعي، تعطر حزني بالحرية، نأيت عن أزمنة الشقاء، أزمنة الموت قهراً، وتوقفت معك لحظات الحلم، مبللين بأمطار تشرين ورعود تشرين ورياحه ووريقاته فوق قارعة الطريق القديمة، وعطره الخريفي.. وكانت جميعها تعزف موسيقا رقصتنا !.. جزء مني عاد إلى جسدي، وظل جزئي الآخر يرقص بين أطيافك.. سألتني أن نجعلها ألف عام قادمة.. وقلت، بل أريدها أن لا تنتهي خلود الزمن... لم تنقطع موسيقى الوجود لحظة، ولم ينقطع عزيف المطر والريح فوق النافذة، ونيران الموقد لم تخمد جواري... ومراهقتي التي هربت زمناً، ها هي تركض فوق الطرقات عائدة إلي، ترقص تحت المطر.. وشبابي المهاجر يستقبلني بشعر أشقر.. وطفلي الضائع في الغربة، يرجع من الفرار الى صدري، وإلى حضن وطن.. " يا عطر " . " عطر خريفي : من رواياتي "

بقلم الرائع أ/محمود عمر/////

«شرفة العمر الحزين» *********** عشت عمري كله شتاء وخريف وظللت أحلم كل يوم أن يأتي الربيع وطال بي الانتظار في شرفة العمر الحزين أتدثر بالأمل كلما اشتد بي الصقيع وكلما مر عام أنتظر البشارة تأتي في عام جديد يأتي فيه الربيع مرت الأعوام تباعاً عام خلف عام خلف عام والأيام تزداد قسوة والعمر شيء فظيع كم تمنيت أن يسرع الخطى ولكن الأمنيات عندي مستحيلة في زمن القساوة شنيع لم تشفع عنده طيبة القلب... ولا طيلة الصبر على الأحزان... ولا كثرة جروح الروح وآلام القلب وكأن الفرح علي منيع...!! حتى جاءني سهم الموت في وتين القلب من سند الحياة ممن ادخرته للأيام عوناً وليت الموت وقيع  لأذوق الموت مراراً  وطعم السكرات مرير...!!  أيا موتاً يأبى  يقربني  ألا لك من سبيل أسلكه...؟!  أو باباً أكون له قريع...؟!  لأترك دنيا نكرتني  فكرهت كل ما فيها  فكل ما فيها وضيع  فامدد يدك بكأس المنايا  فكم تجرعت أمر منه...!!  ولم أشتك يوماً  وكن معي خير صنيع...!!  محمود عمر

بقلم الرائع أ/عبد الرحمن القاضي/////

"غَزَليَّة" في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا نَدنوْ مِنْهُ ولا يأتيْنا نُهدِيْ عِطْرَ الحُبِّ إلَيْهِ ويُعَشِّمُنا ويُمَنّيْنا فَرْدٌ مِنْ عائِلَةِ الوَرْدِ يَنْضَحُ فُلّاً أو ياسَميْنا يَضْحَكُ إنْ قد كُنْتُ سَعيداً أو يَبْكِيَ إنْ صِرْتُ حَزيْنا ما في قَلبِيَ إلّا أنْتَ أمّا غَيْرُكَ لا يَعْنيْنا في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا... ! #عبدالرحمن_القاضي