التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بقلم الرائع أ/محمد الصباغ////


قصة قصيرة I "ربيكا "

منذ رحلت حين رحلت ، فقد ظن أنها قد هجرته ظاهرياً فقط ، وأنها قد اختفت لتتحول إلى وجود آخر ، يكون متماساً مع وجوده ، ومتغلغلا فيه ما أمكن دون وضوح أو تبيان .

وكان يقينه أنها منذ رحلت واختفت ، فقد أصبحت موجودة على صورة ما فى محيط حياته ترقبه ، وتشاهد كل ما يفعل لتتيقن من صدقه فى حبها وأن ما منحته له من حياتها ، لم يضع هدراً ، كان متأكداً بدلائل حواسه وشعوره أنها قريبة منه ومن أنفاسه ومن جسمة ومن مكامن شهوته ، كان واثقاً أنها موجودة على صورة ما فى محيط حياته ، ترقبه ، وتشاهد كل ما يفعل بعد أن اختفت ، وأنها قد حجزت لنفسها وبنفسها ؛ مقعد المراقب الذي يختبر مدى جديته فى صدقه فى الحياة ، ومدى صدقه فى حبها حين كانت رهن حياته .

وقد غالبه شعوره حتى سيطر عليه تماماً بأنها قد أصبحت منذ رحيلها ، وبرحيلها العمدي ، أحد الأحياء الذين ظهروا أخيراً فى حياته ، وأنه لهذا فلم يعد هناك داعياً للحزن والعذاب والألم من مفارقتها .. ربما ؛ ربما تكون هى الطبيبة النفسية التى يتلقى علاجه عندها ، وقد أصبحت تتحدث معه بنفس تون صوتها ولكنتها ، وتتفهم كل مشاعره مثلما كانت تفعل هى ، وتدغدغه وتطريه مثلما كانت تفعل هى بالضبط .

وربما تكون هى ؛ هى ، هى القطة الجديدة التي أتت بها أبنته لتؤنسه بها فى وحدته ، بعد أن رفض أن يكون رفيق الوحدة "كلب حراسة" ؛ رغم حاجته إليه ، ليرى به ، ولكنه فضل أن تكون رفيقة الوحدة والظلام قطة جديدة حديثة الميلاد ، وعندما سألته أبنته : "ماذا ستسمي القطة يا بابا ؟" .

وعندما شم من خلال القطة عند لمسها لأول مرة ، رائحة الراحلة ، فقد أجاب على الفور ، أسميها "ربيكا " .

أسماها على الفور "ربيكا" على اسم من رحلت ، فقد كانت فكرته عن حضورها المحيط ؛ بصورة جديدة ، وفى الصورة الجديدة مسيطرة عليه ، أسامها "ربيكا " دون أن يخطر أبنته سبب التسمية ، ولا معنى الأسم ، فقط بينه وبين نفسه فقد أسماها على اسم من رحلت ، ومن كان متأكداً من ظهورها مجدداً فى حياته ، على صورة جديدة .

محمد الصباغ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بقلم الرائع أ/شوكت صفدي/////

"... نسيت وجعي، تعطر حزني بالحرية، نأيت عن أزمنة الشقاء، أزمنة الموت قهراً، وتوقفت معك لحظات الحلم، مبللين بأمطار تشرين ورعود تشرين ورياحه ووريقاته فوق قارعة الطريق القديمة، وعطره الخريفي.. وكانت جميعها تعزف موسيقا رقصتنا !.. جزء مني عاد إلى جسدي، وظل جزئي الآخر يرقص بين أطيافك.. سألتني أن نجعلها ألف عام قادمة.. وقلت، بل أريدها أن لا تنتهي خلود الزمن... لم تنقطع موسيقى الوجود لحظة، ولم ينقطع عزيف المطر والريح فوق النافذة، ونيران الموقد لم تخمد جواري... ومراهقتي التي هربت زمناً، ها هي تركض فوق الطرقات عائدة إلي، ترقص تحت المطر.. وشبابي المهاجر يستقبلني بشعر أشقر.. وطفلي الضائع في الغربة، يرجع من الفرار الى صدري، وإلى حضن وطن.. " يا عطر " . " عطر خريفي : من رواياتي "

بقلم الرائع أ/محمود عمر/////

«شرفة العمر الحزين» *********** عشت عمري كله شتاء وخريف وظللت أحلم كل يوم أن يأتي الربيع وطال بي الانتظار في شرفة العمر الحزين أتدثر بالأمل كلما اشتد بي الصقيع وكلما مر عام أنتظر البشارة تأتي في عام جديد يأتي فيه الربيع مرت الأعوام تباعاً عام خلف عام خلف عام والأيام تزداد قسوة والعمر شيء فظيع كم تمنيت أن يسرع الخطى ولكن الأمنيات عندي مستحيلة في زمن القساوة شنيع لم تشفع عنده طيبة القلب... ولا طيلة الصبر على الأحزان... ولا كثرة جروح الروح وآلام القلب وكأن الفرح علي منيع...!! حتى جاءني سهم الموت في وتين القلب من سند الحياة ممن ادخرته للأيام عوناً وليت الموت وقيع  لأذوق الموت مراراً  وطعم السكرات مرير...!!  أيا موتاً يأبى  يقربني  ألا لك من سبيل أسلكه...؟!  أو باباً أكون له قريع...؟!  لأترك دنيا نكرتني  فكرهت كل ما فيها  فكل ما فيها وضيع  فامدد يدك بكأس المنايا  فكم تجرعت أمر منه...!!  ولم أشتك يوماً  وكن معي خير صنيع...!!  محمود عمر

بقلم الرائع أ/عبد الرحمن القاضي/////

"غَزَليَّة" في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا نَدنوْ مِنْهُ ولا يأتيْنا نُهدِيْ عِطْرَ الحُبِّ إلَيْهِ ويُعَشِّمُنا ويُمَنّيْنا فَرْدٌ مِنْ عائِلَةِ الوَرْدِ يَنْضَحُ فُلّاً أو ياسَميْنا يَضْحَكُ إنْ قد كُنْتُ سَعيداً أو يَبْكِيَ إنْ صِرْتُ حَزيْنا ما في قَلبِيَ إلّا أنْتَ أمّا غَيْرُكَ لا يَعْنيْنا في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا... ! #عبدالرحمن_القاضي