نغادر الأماكن وتبقى هي وحيدة ،، مع الذكريات ،، كلاهما ذهب وبقى مكانهما يتذكرهما جالسين ،، وتذكر كل الكلمات والحوار الدائر بينهما ،، وحوار المشاعر بالعيون ،، التناقض بداخلها كان يسيطر ،، ثم استسلمت للأمان ،، وهو كان ينتظر ،، وبالانتظار والحكمة فاز بها وبثقتها ،، وبرأسها حين أودعتها بهدوء على كتفه تنشد السلام ،، كطائر هدأ جناحاه بعد رحلته الطويلة ،، داعب خصلات شعرها بأصابعه ،، والحيرة تفيض من عينيه ،، فهو يعي تماما بداخله أنها حين تبتعد ،، فإنها تبتعد لتبحث عن مستوى آخر من الحب ،، الحب الذي ذاقته قبلا ،، الحب الذي كان ،، الحب المفقود!
"... نسيت وجعي، تعطر حزني بالحرية، نأيت عن أزمنة الشقاء، أزمنة الموت قهراً، وتوقفت معك لحظات الحلم، مبللين بأمطار تشرين ورعود تشرين ورياحه ووريقاته فوق قارعة الطريق القديمة، وعطره الخريفي.. وكانت جميعها تعزف موسيقا رقصتنا !.. جزء مني عاد إلى جسدي، وظل جزئي الآخر يرقص بين أطيافك.. سألتني أن نجعلها ألف عام قادمة.. وقلت، بل أريدها أن لا تنتهي خلود الزمن... لم تنقطع موسيقى الوجود لحظة، ولم ينقطع عزيف المطر والريح فوق النافذة، ونيران الموقد لم تخمد جواري... ومراهقتي التي هربت زمناً، ها هي تركض فوق الطرقات عائدة إلي، ترقص تحت المطر.. وشبابي المهاجر يستقبلني بشعر أشقر.. وطفلي الضائع في الغربة، يرجع من الفرار الى صدري، وإلى حضن وطن.. " يا عطر " . " عطر خريفي : من رواياتي "
تعليقات
إرسال تعليق