التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بقلم الرائع أ/فوزي نجاجرة/////


فوزي نجاجرة من فلسطين
لمتابعي رواية أمضي أم أعود ؟؟؟
الحلقة رقم (٧) : بعد انتشار خبر استشهاد خالد، حضر كل من أقارب خالد وشقيق خديجة اليها ، وأرجعوها للسكن في منزل زوجها خالد الذي كان قد بناه قبل معرفته بخديجة . يتكون المنزل من غرفتين نوم ، صالة مضافة ، مطبخ وحمام ، له ساحة واسعة أمامه ، يتوسطها بئر كبير ، له باب نصف متر على نصف متر ، وله باب حديد ، أيضا فيه أرجوحة رائعة ، تحيط بالبيت حديقة مملوءة بالاشجار المثمرة ، وبعض أشجار الزينة ، والعديد من الورود المتنوعة ، وهناك جدار اسمنتي يحيط بكل المساحة المقام عليها المنزل . ففي بلد أهلها ، هناك تلقت خديجة كل دعم وتشجيع ومساعدة ، من جميع أهلها ما عدى أعمام خالد وعماته . الجميع أعربوا لها عن أسفهم ، عندما قاموا بالاعتراض على زواجها من خالد . أحتضنت خديجة طفلها وسيم تحت جناحيها ، ووفاء لزوجها الشهيد ، قررت أن تقفل الباب عليها وعلى ابنها . ذلك بأن تقوم بتربيته واعطائه كل عمرها ، وكل ما يحتاج اليه من حب ورعاية وتنشئة صالحة ، وأن لا تفكر بالزواج ثانية ، مهما تعرضت لظروف في قادم الأيام .
عادت خديجة لتعمل في نفس الروضة التي كانت تعمل بها سابقا ، روضة الجمعية النسوية . هذا الأمر وفر لها ولابنها دخلا شريفا اعتاشت به بعد استشهاد زوجها . كلما تذكرت زوجها ، يزداد حبها لطفلها ، تتأمله بدل المرة ألف ، تقبله تحتضنه ، تعطيه كل ما يحتاج واكثر ، في كل مرحلة من مراحل حياته . كبر وسيم وتمضي الأيام بصعوبة مع الأم خديجة . لم يتركها الناس من تدخلاتهم المستمرة ، فهذا وذاك يطلبونها للزواج ، الاهل ينصحونها ويحثوها بالقبول بالزواج من أي رجل ، لكنها كانت ترفض بشدة ، اعتبرت أن زواجها بشخص بعد الشهيد خالد هو خيانة له وعدم وفاء ، تصر بأن ابنها وسيم هو كل حياتها ، لا يمكنها أن تتصور تخليها عنه ، او أن تعرضه لمشاكل زوج الأم ، لذلك بنت حياتها على أن الدنيا تبتدئ من وسيم وتنتهي عنده . حاولت خديجة أن تجعل من وسيم مشروع حياة ، تتصوره وهو في الروضة ، في المدرسة ، يتخرج من التوجيهية ، يدرس في أحسن الجامعات ، تعرض عليه الزواج فيصر على أن لا يتزوج خوفا عليها من لؤم زوجته ، تتصوره موظف في أحسن وظيفة ، يدخل عليها كل أخر الشهر بعد أن يركن سيارته الفخرة ، ليسلمها الفلوس التي قبضها من عمله ، تأخذ فلوسه توفرها له ، كي يكون وضعه المالي ممتاز ، وهذه الصور وغيرها ، تتقادح في دماغها باستمرار وتسيطر عليها ، أمرأة تعيش في خيال واسع و............... .
                   *******
      وصل وسيم الرابعة من عمره ، دخل الروضة ، واستثناء عن كل الأطفال الذكور في الروضة ، كان شعره طويلا جدا ، فكل من يراه يظن انه بنت بسبب طول شعره ووسامة وجهه ، رفضت أمه قطعيا أن تقص شعرة واحدة من شعره منذ يوم أنجبته ، فهي تراه أجمل ولد في الدنيا . زيادة على ذلك ، فقد وصل وسيم سن السادسة ، دخل الصف الأول  الابتدائي وهو يرضع من صدر أمه ، لم تفطمه امه خديجة أبدا ، برغم نصائح الأهل والأصدقاء حتى الأطباء ، ومن بعدهم الأستاذ مربي صف وسيم في المدرسة ، فالأستاذ لاحظ على وسيم ، أنه في كل استراحة بين الحصص الصفية ، يخرج  مسرعا من المدرسة ، متوجها الى الروضة مكان عمل امه القريب ، استفسر الأستاذ من أمه ، عن سبب ذهابه اليها في كل استراحة ، فأخبرته أن وسيم يذهب اليها دائما ليرضع من صدرها . ذهل الأستاذ من أمر الطفل وسيم ، وأشاع الخبر لكل المعلمين في المدرسة ، ومنهم الى الطلاب ، من يومها صار الكل يدعوه بوسيم المدلل أو وسيم يمه ، ففي كل مرة يناديه أحد زملائه بوسيم يمه ، يتوتر ،ينزعج ، يغضب ويتعكر مزاجه . هذا الأمر  جعله يفطم نفسه بنفسه عن صدر امه دون أن يطلب منه أحد ذلك ، فعندما تدعوه أمه لأخذ الرضعة صار يرفض بقوة ، حتى اقتنعت أمه خديجة بانفطام وسيم عن الرضاعة منها دون اجبار .
        في المراحل الدراسية المختلفة ، تفوق نسيم في كل المواد التعليمية ، باستمرار كان ينافس على الدرجة الأولى الثانية وبالكثير الدرجة الثالثة ، طبعا هذه النتائج كانت منبع فخر وتباهي لدى أمه خديجة ، تشعر معها أن استثمارها لسنين عمرها يعطي نتائج رائعة ، وسيم من المتفوقين والمبدعين ، اذن هي بأحسن حال . أينما حلت خديجة ، يلازمها وسيم كظلها لا يبتعد عنها ، حتى عندما وصل الصفوف النهائية في المدرسة الثانوية . عرف عن وسيم أثناء دراسته في الثانوية حسن الخلق ، نظافته المميزة عن جيله ، كذلك ابداعه في النشاطات غير المنهجية . في مجال الفن والرسم ، يحاول رسم لوحات جميلة جدا ، شاركت بعض رسوماته في معارض للمدارس على مستوى المنطقة . في الشعر كان مبدعا ، له محاولات في كتابة الشعر والقصة القصيرة ، يذكر عنه انه كتب قصيدة واعطاها لمعلم اللغة العربية الذي يعلمه ، ثم تبين لاحقا أن قصيدته نشرت في أحدى الصحف باسم معلم اللغة العربية ، والذي اكتشف هذه السرقة هي أمه ، عندما كانت تتابع الصفحة الأدبية ، فقرأت القصيدة التي كتبها ابنها في حضورها ، فورا ذهبت الى مديرية التربية والتعليم ، تقدمت بشكوى ضد المعلم ، وشهد شهودا من أصدقائه لصالحه أثناء تحقيق المديرية . 
    انهى وسيم شهادته التوجيهية بتفوق كبير ، فرحت امه به فرحا استثنائي ، أحست انها بدأت تقطف ثمار ما زرعته في ابنها ، عملت له حفلة مكلفة جدا ، العديد من الأهل والاقارب والاصدقاء شاركوهم فرحتهم ، التحق بالجامعة تخصص ادارة أعمال وعلوم مصرفية ، لم تبخل عليه والدته في كل متطلباته الدراسية . اجتهد وسيم وسهر الليالي ، تعب وكد في التحضير والقراءة والأبحاث ، حيث تمكن من النجاح في تخصصه طوال الأربع سنوات ، تخرج ونال شهادة البكالوريوس في المحاسبة وادارة الاعمال بدرجة شرف . حصل على وظيفة محاسب في بنك الأسرة السعيدة . 
    عندما كان يلتفت وسيم الى مراحل حياته السابقة التي عاشها ، مستذكرا نجاحاته المستمرة ، ينتابه شعورا بانه مميز عن غيره من أبناء جيله ، هذا الأمر ولد لديه الغرور والتعالي ، وهذه طبعا صفة سلبية لمن يتحلى بها .  لم يفكر وسيم  بمن هو كان مسؤولا عن نجاحاته هذه ، لم يخطر بباله أن أمه خديجة ، هي من سهرت طوال حياتها ، على أعطائه كل ما يطلبه من حب حنان ومأوى ، صحة ، طعام ، لباس ، تعليم ، تربية ورعاية شاملة ، يعني أن هذه الأم تفوقت ، على نفسها وعلى غيرها من ألأمهات في مجال الأمومة ، لم تبقي لها شيئا أبدا لتحتفظ به لقادم الأيام ، فكل ما كانت تملكه أعطته لابنها ، أعطته بسخاء وبدون حدود ودون تحفظ .
     يقال في الأمثال (الزائد أخو الناقص) ، ان الاهتمام الزائد الذي أولته خديجة لأبنها وسيم ، كذلك حبها الكبير له في كل مراحل حياته ، وصل وسيم للاعتقاد أنه أبن ملك أو أكثر ، أو أن وجود أمه خديجة على هذه الأرض يرجع الفضل فيه اليه ، لذلك تكون لديه مفهوم خاطئ لعلاقته بأمه وغيرها ، وكأن الأخرين ملزمين باعطائه كل ما يطلبه ،  فدوره في الحياة هو الأخذ فقط ، هو أي وسيم يأخذ ولا يعطي ، يسمح لنفسه بالأخذ ويمنع نفسه من العطاء ، بالتالي كبر لديه مفهوم التملك والاستحواذ ، ومفهوم الأنا تضخم عنده كثيرا ، صار ضارا لنفسه أكثر من ضرره لغيره . انانية كبيرة ومفرطة ، طمع زائد عن الناس ، اعتقاده الواهم بسهولة الحياة ، وان كل ما يطلبه يستطيع الحصول عليه بسهولة. وغيرها من الصفات التي أصبحت مسؤولة عن مسلكياته بشكل عام
يتبع في الحلقة رقم (٨) غدا ان شاء الله .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بقلم الرائع أ/عبد الرحمن القاضي/////

"غَزَليَّة" في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا نَدنوْ مِنْهُ ولا يأتيْنا نُهدِيْ عِطْرَ الحُبِّ إلَيْهِ ويُعَشِّمُنا ويُمَنّيْنا فَرْدٌ مِنْ عائِلَةِ الوَرْدِ يَنْضَحُ فُلّاً أو ياسَميْنا يَضْحَكُ إنْ قد كُنْتُ سَعيداً أو يَبْكِيَ إنْ صِرْتُ حَزيْنا ما في قَلبِيَ إلّا أنْتَ أمّا غَيْرُكَ لا يَعْنيْنا في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا... ! #عبدالرحمن_القاضي

بقلم الرائع أ/فوزي نجاجرة/////

بقلمي : # أ. فوزي نجاجرة .# من فلسطين حرام...حرام...حرام هذه غزة وفلسطين وارض العروبة والاسلام تباع بين قسيس وشيخ... وحاخام يتقاسمونها في بورصات الرق وملاهي العهر والقمار والأزلام حرام........حرام.........حرام هذا حاكم ذليل جبان مطبع وهذا مستعمر لص متكبر يسرق التاريخ والاوطان كلهم يتقاسمون طبخ السم ونبيذ النهد والنفط يتأمرون على الشعوب وكل الأنام حرام.........حرام...........حرام المستعمر اللص يسير يطير يبحر من المحيط الى الخليج ولا يضام يا عمر ومعاوية ويا معتصم ويا صلاح الدين كلكم خلفتم أوهام قد باع الخلف عزكم ومجدكم ودمائكم في لحظة جبن وانفصام حرام.....حرام.....حرام فبيتي شيدته من عرق جبيني ليأويني ويسترني في قادم.. الأيام وطيور هولاكو هذا الزمان تهدمه في لحظة وتحوله الى ركام حرام..........حرام..........حرام وجنيني وجذوري وديني وتيني وزيتوني وبساتيني تباد بتلذذ وانتقام وفلذة كبدي انبته من ماء العتمة ليعينني في كهولتي على الايام وفي لحظة هاربة يقنصه مجرما مهرا لمومس يطارحها الغرام حرام.......حرام.......حرام وفي عتمة الليل ووضح النهار يجوسون بيوتنا ويهدمونها فوق شيوخنا ونسائنا واطفا...

بقلم الرائعة أ/فاتي رضا////

همس روحي ما زلت لا أراك إلا صفاء.. وبهاء.. ك السماء بيوم صيف حيث تتلألأ النجوم وتتراقص أذرع المجرات ألوانا فرحا... بذلك الإلف البعيد الذي و إن غاب كان له الحضور كما النوارس حين تعانق البحار بعد طول الانتظار ... .....فاتي رضا