التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بقلم الرائع أ/فوزي نجاجرة/////


أصدقائي الأعزاء متابعي رواية ستشرق الشمس ثانية ،اليكم أحداث الحلقة رقم (١٠) :
بعد ما يقاربُ شهرين من وجودي بالأَسرِ؛ تناهى إِلَى سمعي حدوثُ مجزرةٍ في مخيمَي صبرا وشاتيلا الْفِلَسْطِينِيّين في لبنان، وقد ذهبَ ضحيتُها أَكثر من ثلاثة آلاف وخمسمائة إِنسانٍ بريءٍ من الأَطفالِ والنساءِ والشيوخ، على أَيدي القواتِ الانعزاليةِ المسيحيةِ في لبنان، بقيادة رئيس جمهورية لبنان آنذاك؛ الشيخ بَشير الجميل، بمساعدةِ وغطاء الجيوشِ الهمجيةِ الإِسرائيليةِ، بقيادةِ المجرمِ العُنصريِّ أريئيل شارون.
تألمتُ كثيرًا، وطغى الحزنُ على كياني وروحي، وملَأت المرارةُ دماغي، فأَنا أعرف أَن أَبناء خالي بدر الدين يسكنون في مخيم شاتيلا، علمتُ أنهُ تم ترحيلُ ابنُ خالي عايد إِلَى تونس، مع المقاتلين الْفِلَسْطِينِيِّين، وعلى رأسِهم قائد الثورة الْفِلَسْطِينِيّة المجاهد ياسر عرفات، وبعد مغادرة المقاتلين من بيروت؛ تُرِكت المخيماتُ الْفِلَسْطِينِيّة دونَ حماية، ولم يتبقَّ فيها إِلا النساء والأَطفال والشيوخ العاجزون عن الدفاعِ عن أَنفسِهم، وبعد أَيام قليلة حُوصِرَ مخيما صبرا وشاتيلا، وأوغلوا فيهما ذبحًا وحرقًا، بشكل فرديٍّ وجماعيٍّ في كل أَهلِ المخيمات، وقد ذهبت أسرة خالي بدر الدين ضحيةً لهذه المذبحة، حيث عرفت أَن زوجة خالي محبوبة، ذات الأَربعين عامًا، وابنتيها فداء ذات التسعة عشر عامًا، وهدى ابنة السابعة عشر عامًا قد ذُبحوا، ولم ينجُ من كل أُسرةِ خالي إِلا ابنه الوحيد عايد، ابن العشرين عامًا، وهو الآن في تونس.
وصلتني هذه المعلومات من حماتي الحاجة صفية العراقية، ومن خطيبتي مسعدة عندما زارتاني بدلَ والدتي معزوزة، حيث توقفت أُمي عن زيارتي؛ بسبب حزنِها الشديد على ما ألمَّ بأبناء خالي في بيروت.
بعد أَن أَمضيتُ نصف سنة في الأَسرِ؛ جاءَتني رسالةٌ من خطيبتي وحبيبتي مسعدة، تقولُ فيها:
- السلام عليكم حبيبي وروحي سعيد، أَجمل التحايا المُعطرة بالحب والأَشواق، وأَجمل آياتِ الصبر الذي يسكنُني ويسكنُ في حنايا قلبي، وزفراتِ روحي المعذبةِ على فراقك حبيبي، ولا أَقول إِلا حسبي الله ونعم الوكيل في كل شخصٍ ظلمَك، وتسبب في أَسرِك، الحبس للرجال، ما ظل إلا نص سنة، إن شاء الله بتعدي بسرعة، وبترجع إلنا بالسلامة، حبيبي وخطيبي سعيد؛ دير بالك على حالك، واهتم بنفسك على شان تطلع إلنا بالسلامة إن شاء الله قريبًا، حبيت أَهديك اغنية جميلة صرت أَسمعها كثير، للمطربة المصرية الرقيقة والجميلة؛ نجاة الصغيرة، اسمُها مصير الشمس، تقول فيها:
مصير الشمس حتنور
من تاني من تاني
وتنور فوق سنين عمري
وتصبح غنوة لساني
من تاني من تاني
وترجع فرحتي بصدري
وبكرة وردتي رح تطرح
في يوم ما تعود مع النسمة
حبيبي بكرة راح أفرح
وأَتعجب على القسمة
مصير الحب حيجيبك
تشيل الفرحة لحبيبك
سنة سنتين تغيب عني
لكن تهرب من الشوق فين
وانا لو ناري ابتتعبني
رح أتحمل سنة وسنتين
لحد ما ترجع الأيام
عليها شمس مش بتنام
وحيجيني الربيع لخضر
شباب نشوان بيتمخطر
مصير الشمس يا غالي
أَخذتني الأُغنية إِلَى ذلك القلبِ العامر بالحب، واشتعلَت مشاعري بالحرارة والدفءِ والحب المخطوفِ في المبهمِ من عبثِ الزمن، وأَحسستُ بقربِ اللقاء المحتومِ مع حبيبتي مسعدة، وتَيَقنتُ أَنني أَمتلكُ أَجملَ، وأَغلى، وأَرق خطيبة، فلو خُيرتُ بينها وبين كل بنات الأَرض ما اخترتُ لها بدلًا، فهي تجمع الجمال والأُنوثةَ والحبًّ والشهد والياسمين، إنها حبيبتي مسعدة، إنها مسعدة، مسعدة ولا أحدَ غيرها.
خرجتُ من الأَسرِ في شهر تموز لعام ١٩٨٣م، بعد أَن أَمضيتُ عامًا كاملًا في ظلامِ الأَسرِ، استقبلَني كثيرٌ من أَهالي قريتي أَحسنَ استقبال، وهنأوني بالخروجِ منه سالمًا غانمًا، لكني استغربتُ أَن أَهلَ خطيبتي لم يكونوا بين المُهنئين، انتظرتُ أَول يومٍ، وثاني يومٍ، وثالث يومٍ، ثم أُسبوعًا كاملًا ولم يحضر أَحدٌ منهم ليُهنئني. ومع صبيحةِ اليومِ الثامنِ؛ جاء عمي الحاج ياسين العراقي يطرقُ بوابَتنا، وينادي، وبرفقتِهِ مسعدة خطيبتي، تصافحنا، وجلسنا في المضافة، وتبادلنا أَطرافَ الأَحاديث من هنا وهناك، ثم قلتُ له:
- أَهلًا وسهلًا بك يا أبو موسى، أنا ماخذ على خاطري منكوا، كل الناس هنأوني وسلموا علي إلا إنتوا، شو السيرة؟
- إحنا بقينا شوي مشغولين يا سعيد، بهمش هينا إجينا انشوفك ونطمئن عليك يا عمي. أبو سعيد.. بهمش إتحملوني، في اللي بدي أَقوله، اليوم الله سبحانه وتعالى فك أسر ابنكوا من السجن، وهيو اتحرر، أنا شايف يا جماعة الخير إنو لازم انتمم عرس سعيد ومسعدة بأسرع وقت ممكن، وبلاش انظل نأخر فيه، شو رأيكوا في هالحكي؟
قال والدي:
- والله يا حج أَبو موسى عداك العيب، وأَنا كمان من رأيك، خير البر عاجله، شو رأيك يا ابني سعيد؟
- ليش لا، أَنا موافق.
- إذن يا أبو سعيد جهزوا حالكوا على الأسبوع الجاي إن شاء الله بتوخذوا البنت.
لم أَكُن أُصدقُ أَن تلك الصفحةَ السوداء من حياتي قد انتهَت، وبدأت مشاعرُ الفرحِ تزحف إِلَى قلبي ومشاعري وحَياتي، فقد اقتربَ موعدُ اللقاء مع عروسي مسعدة، وسيلتمُّ شملنا، ونودع حياة العزوبيةِ إِلَى غير رجعةٍ، فرحةٌ كبيرةٌ، وسعادةٌ لا توصفُ عشتُها في هذه الأَيام مع مسعدة، ونحن نحضرُ لليالي فرحِنا للمرةِ الثانيةِ، بعد أيامٍ ذهبتُ إِلَى بيت خطيبتي لأَتحدث إليها، فوجئت أن أَخاها موسى هو مَن فتح الباب، لم يرحب بي، وكأنه لا يعرفُني، مددتُ له يدي لِأُصافحَه، فرفض مصافحتي، وسألني بجفاء وعَجرفة:
- بأقدر أَعرف شو غرضك من زيارتنا؟
- أنا جيت أَشوف خطيبتي مسعدة.
- مسعدة مش موجودة.
قال ذلكَ، ثم أَغلق البابَ في وجهي وطردني، ومما زادَ الطين بلةً أَني رجعت إِلَى منزلي بعدَ هذا الموقفِ، وإذ برسالةٍ تصلني من ساعي البريد في قريتنا، ولما فتحتُها فوجئتُ بأنها من الضابطِ المسؤول عن التعليم في الإِدارةِ المدنية الإِسرائيليةِ، التي تديرُ احتلالَ بلادنا، بواسطة مدير التربيةِ والتعليم في منطقةِ بيت لحم؛ تفيدُ بِأَنه قد تمَّ فصلي عن العملِ كمدرسٍ في مدارس الحكومةِ لِأَسبابٍ صحيةٍ.
انفعلتُ وتشاءَمتُ من صعوبةِ حياتنا وتعقيداتها، التي تثبتُ أَنه لا فرصةَ للناسِ الشرفاء على هذه الأَرض المقدسةِ ليعيشوا حياةً طبيعيةً كباقي خلقِ اللهِ، فإِن تصرفَ موسى شقيق مسعدة، ودخولي إِلَى الأَسر، وفصلي من عملي؛ كلُّها أمورٌ زادت إِحباطي ويَأسي، فاضطررتُ إِلى إِخبار أُمي وأَبي عن هذه المستجداتِ، ومع هذا فهم لم يتفاجَؤوا، وقررَ والدي أَن يُسرع في إِتمام الزواجِ بِأَسرع وقتٍ ممكن.
في الأُسبوعِ التالي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بقلم الرائع أ/عبد الرحمن القاضي/////

"غَزَليَّة" في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا نَدنوْ مِنْهُ ولا يأتيْنا نُهدِيْ عِطْرَ الحُبِّ إلَيْهِ ويُعَشِّمُنا ويُمَنّيْنا فَرْدٌ مِنْ عائِلَةِ الوَرْدِ يَنْضَحُ فُلّاً أو ياسَميْنا يَضْحَكُ إنْ قد كُنْتُ سَعيداً أو يَبْكِيَ إنْ صِرْتُ حَزيْنا ما في قَلبِيَ إلّا أنْتَ أمّا غَيْرُكَ لا يَعْنيْنا في الشامِ غَزالٌ يُغريْنا... ! #عبدالرحمن_القاضي

بقلم الرائع أ/فوزي نجاجرة/////

بقلمي : # أ. فوزي نجاجرة .# من فلسطين حرام...حرام...حرام هذه غزة وفلسطين وارض العروبة والاسلام تباع بين قسيس وشيخ... وحاخام يتقاسمونها في بورصات الرق وملاهي العهر والقمار والأزلام حرام........حرام.........حرام هذا حاكم ذليل جبان مطبع وهذا مستعمر لص متكبر يسرق التاريخ والاوطان كلهم يتقاسمون طبخ السم ونبيذ النهد والنفط يتأمرون على الشعوب وكل الأنام حرام.........حرام...........حرام المستعمر اللص يسير يطير يبحر من المحيط الى الخليج ولا يضام يا عمر ومعاوية ويا معتصم ويا صلاح الدين كلكم خلفتم أوهام قد باع الخلف عزكم ومجدكم ودمائكم في لحظة جبن وانفصام حرام.....حرام.....حرام فبيتي شيدته من عرق جبيني ليأويني ويسترني في قادم.. الأيام وطيور هولاكو هذا الزمان تهدمه في لحظة وتحوله الى ركام حرام..........حرام..........حرام وجنيني وجذوري وديني وتيني وزيتوني وبساتيني تباد بتلذذ وانتقام وفلذة كبدي انبته من ماء العتمة ليعينني في كهولتي على الايام وفي لحظة هاربة يقنصه مجرما مهرا لمومس يطارحها الغرام حرام.......حرام.......حرام وفي عتمة الليل ووضح النهار يجوسون بيوتنا ويهدمونها فوق شيوخنا ونسائنا واطفا...

بقلم الرائعة أ/فاتي رضا////

همس روحي ما زلت لا أراك إلا صفاء.. وبهاء.. ك السماء بيوم صيف حيث تتلألأ النجوم وتتراقص أذرع المجرات ألوانا فرحا... بذلك الإلف البعيد الذي و إن غاب كان له الحضور كما النوارس حين تعانق البحار بعد طول الانتظار ... .....فاتي رضا