لقد مر شهر العسل بسرعة
حبيبتي وكأنه حلم
نظرت إلى عينيه وهي تبتسم برقة ودلال
هذا صحيح ،ولكن أيامنا كلها ستكون عسلا في عسل
ليس لدي أي شك في ذلك ثم طبع قبلة حانية على جبهتها
وهو يودعها في طريقه إلى عمله
وداعاً عزيزي
وقفت تراقبه حتى غاب عن الأنظار
فجأة فتح باب الشقة
المقابلة لشقتهم
خرجت سيده في الثلاثين من عمرها بيضاء اللون، شاحبة الوجه و بادرتها بقولها:
صباح الخير
ردت عليها وهي تبتسم
صباح الخير
ثم أردفت قائلة:
لم أكن أعرف أن لنا جيرانا؟
هل أنتم السكان الجدد؟
أجابت: نعم هذا صحيح
لقد انتقلنا إلى هنا منذ عدة أيام فقط
... أنا أعيش هنا مع طفلتي الصغيرة ياسمين
وزوجي المهندس ماجد
ثم نادت بصوت مرتفع:
ياسمين...ياسمين
صوت من داخل الشقة
يجيب: نعم أمي ... أنا قادمة
تخرج فتاة في العاشرة من عمرها تقريبا
وجهها ناصع البياض
وشاحب جدا وشعرها أشقر اللون
ناعم جدا وطويل
هي جميلة جدا أشبه ما تكون بدمية ولكن بوجهها مسحة حزن
ما شاء الله ابنتك جميلة جدا
ردت الجارة : أشكرك عزيزتي...كم أنت لطيفة جدا
ثم تابعت حديثها قائلة لها: وأنت هل عندك أطفال؟
أجابت: أوه... كلا...كلا
فأنا متزوجة حديثاً
ولم نرزق بعد بأطفال
حسنا أتمني لك التوفيق عزيزتي
...معذرة يجب أن أعود إلى أعمال المنزل فزوجي سيعود قريبا من عمله وهو سريع الغضب جدا ... سأذهب لتجهيز طعام الغداء له
يوماً سعيداً لك
هيا... ياسمين
ردت عليها ريم : ولك أيضاً
ثم دخلت لشقتها
وتوجهت نحو الفراش بخطوات متثاقلة و ارتمت فوقه كالقتيل
وغطت في سبات عميق
لم تشعر بمرور الوقت
ولا بزوجها الذي دخل فوجدها ما زالت نائمه
لا... عزيزتي
هل ما زلت نائمة ؟
أتعرفين كم الساعة الأن؟
إنها الثالثة عصرا
أنت كسولة جدا
هيا ...استيقظي
يا إلهي!
مالذي حدث ؟
لقد نمت وقتا طويلا
...ولم أشعر بنفسي
نمت كأهل الكهف
رد عليها زوجها:
حسنا لا بأس عزيزتي
سوف أتصل بالمطعم
ليرسلوا لنا طعاماً
لا... لا عزيزي
سيكون ذلك مكلفا جدا
سأقوم لإعداد وجبة خفيفة نتناولها مؤقتا
وفي المساء سأعد لنا شطيرتين من اللحم
فأنا ماهرة جدا في إعداد هذه الشطائر
هيا اذهب أنت لتبديل ملابسك
و سأتوجه أنا نحو المطبخ
وفي المساء وأثناء مشاهدة التلفاز
قالت ريم لزوجها:
هل تعلم أن لنا جيرانا
يسكنون في الشقة المقابلة؟
نظر لها الزوج باستغراب و إندهاش وقال:
غريب هذا الأمر
فعم سالم حارس البناية
لم يذكر لي هذا الأمر بتاتا
ولكن سوف أسأله عن هذا الموضوع
حين أراه
هيا عزيزتي فأنا متعب جدا وأريد أن أنام
حسنا عزيزي
هيا بنا
وتعددت اللقاءات بين ريم وجارتها
وفي مساء ليلة من ليالي
الشتاء القارس
كانت ريم مستلقية في الفراش و تقرأ رواية لتشارلز ديكنز وهي تحتسي كوبا ساخنا من مشروب الشوكولاته اللذيذ
لتستمد منه بعض الدفء والطاقة
وكان زوجها يستعد للنوم التفت لها قائلا:
صحيح... لقد تذكرت أمرا هاما عزيزتي
ردت عليه ريم: ما الأمر؟
لقد سألت حارس البناية
عن جيراننا بالشقة المقابلة
فنظر لي بتعجب وقال:
ما هذا الذي تقول سيدي؟
إن هذه الشقة خالية تماماً من السكان منذ وقت طويل جدا
منذ حادث مقتل السيدة
راوية وطفلتها ياسمين
على يد زوجها المهندس ماجد
وليس هناك غيركما أنت وزوجتك في هذا الطابق
كانت ريم تستمع إلى كلماته وكأنها آتيه من عالم بعيد ثم
إتسعت مقلتيها في صدمة وتجمدت الدماء في عروقها ولم تنطق ببنت شفة.
تمت
بقلمي رومي الريس
بعنوان/الأشباح

تعليقات
إرسال تعليق